حيث لا شك أن شخصا واحدا يظهر منه هذه الآثار المتناقضة والاحوال المتباينة مما يدل على قدرة قاهرة وحكمة غير متناهية.
واعلم أن الانسان (٢٣ الموصوف بهذه الصفات بعث إلى هذه الدار ليكون مسافرا. قال أمير المؤمنين على : (٢٤ الناس على سفر والدنيا دار ممر ، لا دار مقر ، وبطن أمه مبدأ سفره ، وزمان حياته مقدار مسافته ، وسنوه منازله ، وشهوره فراسخه وامياله ، وأيامه وأنفاسه خطأه ، والآخرة مقصده يسار به سير السفينة براكبها ، وقد دعى إلى دار السلام كما قال تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) (٢٥. ثم إن دار السلام أشرف البقاع ، قال تعالى : (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) (٢٦.
الفصل الثانى
فى تقرير ما سلف بطريق آخر أقرب إلى التحقيق
اعلم أن الموجودات بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام ، لأنها :
١ ـ إما أن يؤثر ولا يتأثر البتة بوجه من الوجوه ،
٢ ـ وإما أن يتأثر ولا يؤثر بوجه من الوجوه ،
٣ ـ وإما أن يؤثر ويتأثر معا ،
٤ ـ وإما أن لا يؤثر ولا يتأثر البتة ،
فهذه أقسام أربعة لا مزيد عليها.
أما القسم الأول وهو الّذي يؤثر ولا يتأثر البتة ، فهو الحق سبحانه وتعالى لأنه واجب الوجود لذاته ولحقيقة هويته (١ ، وكلما