الآن عين ما كنت موجودا قبل هذا بعشرين سنة ، والإنسان إذا قطعت يداه ورجلاه وقلعت عيناه فإنه يعلم بالضرورة أنه عين الإنسان الّذي كان موجودا قبل ذلك فثبت بما ذكرنا أن الجسد بجميع أجزائه واقع فى التبدل ، وثبت أن المشار إليه لكل أحد بقوله «أنا» عين هذا الجسد وغير كل واحد من أجزاء هذا الجسد.
واعلم أنه يبقى هاهنا سؤال واحد (١) ، وهو أن يقال لم لا يجوز أن يقال هذا الجزء المحسوس يشتمل على أجزاء أصلية باقية من أول العمر إلى أخره مصونة عن الاختلال والانحلال.
وأما سائر الاجزاء فإنها واقعة فى الانحلال والتبدل ، والإنسان عبارة عن تلك الأجزاء الأصلية ، إلا اننا نقول (٢) : ظهر على جميع التقديرات أن الانسان ليس عبارة عن جميع هذا الجسد المحسوس وعن هذا الهيكل الظاهر ، فأما أن يقال انه عبارة عن أجزاء مخصوصة سارية فى تضاعيف هذا الجسد ، فنقول : الفلاسفة يدفعون هذا الاحتمال بناء على مقدمتين :
أحدهما ، أن الأجسام متماثلة (٣ ، وبرهانه أن الاجسام لا شك (الورقة ٢٦٥ ظ) أنها متساوية فى طبيعة الحجمية والامتداد ، فلو اختلفت نفس بعد ذلك فى ماهياتها ، لكان ما به المخالفة مغايرا (٣) لما به المشاركة لا محالة. فيلزم ان تكون تلك الخصوصيات مغايرة لطبيعة الحجمية والامتداد ، ولو كان كذلك لكان إما ان يكون كل
__________________
(١) المخطوطة : سؤالا واحدا
(٢) أيضا : الا انها تقول
(٣) أيضا : مغاير