أهون عليه من انقطاع المادح.
فإن قيل كيف يجوز أن يستوى عنده المدح والذم ، والمدح يقتضي إقدام المادح على تعظيم حال ممدوحه وهو طاعة (٦ ، والذم يقتضي إقدام الذام على الاساءة إلى أخيه المسلم (الورقة ٢٨٩ ظ) وهو معصية.
قلنا ان المذموم لو تفكر علم أن فى الناس من ارتكب من الكبائر أكثر مما ارتكبه هذا الذام فى مذمة المذموم ، ثم انه لا ينفر طبعه عنهم ،
وأيضا فالمادح (٧ الّذي مدحه لا ينفك عن اقدامه على ذم غيره مع انه لا يجد فى قلبه نفرة عنه كما يجد لمدحه نفرة ، والمذمة من حيث انها معصية لا يختلف بأن يكون هو والمذموم أو غيره ، فثبت أن ذلك المذموم إنما غضب طاعة لهواه لا طاعة لمولاه. وان الشيطان يخيل إليه انه من الدين وأن الله قد جعله ممن قال فى حقه : («قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ) (١) (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ الخ) (٢) (٨ ،
الحالة الرابعة أن يكره المدح (٩ ويحب الذم ، لانه يعلم أن المدح يجره من نور عينية (٣) جلال الله الحق إلى ظلمات عالم الخلق ، والذم يهدى إليه عيوبه ويرده عن ظلمات عالم الخلق إلى انوار عالم الحق ، فهذه (٤) المراتب التى ذكرها الشيخ الغزالى.
__________________
(١) المخطوطة أنبئك
(٢) أيضا : وهم فى الآخرة
(٣) أيضا : عينه
(٤) أيضا : فهذا ،