بالاستصحاب الذي يدور مدار اليقين والشكّ ، فلا يتحقّق في أدلّة الاستصحاب ما يهدينا إلى أماريّته ، بل هو أصل من الاصول العمليّة ، وعنوانه الشكّ المقرون بحالة سابقة متيقّنة ، وهكذا قاعدة الفراغ والتجاوز لا يتحقّق فيها عنوان الأماريّة ، وتقدّمها على الاستصحاب يكون من باب التخصيص.
نعم ، يمكن أن يستفاد من بعض رواياتها أماريّتها كما ذكر في كتاب الرسائل ، وهو قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (١) ، ولكن الظاهر بعد ملاحظة مجموع رواياتها أنّها أصل من الاصول العمليّة المحرزة كالاستصحاب.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّه يحتمل أن يكون معنى الاستصحاب : هو الحكم ببقاء المتيقّن بحسب الظاهر من الشارع بمقتضى قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» ، ومعناه جعل الحكم المماثل في عالم التعبّد ظاهرا ، كما قال به صاحب الكفاية قدسسره (٢) ، وهذا المعنى مقتضى التحقيق.
ويحتمل أن يكون معناه عدّ الشارع الشكّ يقينا تعبّدا ـ أي الشكّ المقرون باليقين بالحالة السابقة يكون يقينا شرعا ـ مثل ملاحظة كثير الشكّ فاقدا للشكّ في عالم التعبّد ، وهذا المعنى خلاف الظاهر.
وهو على المعنى الأوّل يقوم مقام القطع الطريقي ويترتّب عليه أثره من المنجّزية والمعذّرية ، ولا يقوم مقام القطع الموضوعي ، سواء اخذ القطع بعنوان الصفتيّة أو الكاشفيّة ، وبلا فرق بين أخذه تمام الموضوع أو جزء الموضوع ؛ إذ
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٧١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٢٣.