المعروفان : «ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه» (١) ، و «الميسور لا يترك بالمعسور» (٢).
وقد اشتهر التمسّك بها على ألسنة المتأخّرين ، ولم يعلم ذكرها في كلمات المتقدّمين ، فما ادّعي من أنّ شهرتها تغني عن التكلّم في سندها غفلة عن أنّ الشهرة الجابرة لضعف الرواية هي الشهرة بين القدماء من الأصحاب ، وهي مفقودة في المقام.
الكلام في مفاد النبويّ
وكيف كان ، فقد روى النبويّ مرسلا في الكفاية (٣) ، مصدّرا بهذا الصدر ، وهو : أنّه خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : «إنّ الله كتب عليكم الحجّ» ، فقام عكاشة ـ ويروى سراقة بن مالك ـ فقال : في كلّ عامّ يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتّى أعاد مرّتين أو ثلاثا ، فقال : «ويحك وما يؤمنك أن أقول : نعم ، والله ، لو قلت : نعم لوجب ، ولو وجب ما استطعتم ، ولو تركتكم لكفرتم ، فاتركونى ما تركتكم وإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم إلى أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» (٤).
وقد رواه في محكي العوالي من دون هذا الصدر (٥) ، كما أنّه قد روى الصدر من دون هذا القول مع اختلاف يسير.
وكيف كان ، فالكلام قد يقع فيها مع قطع النظر عن هذا الصدر ، وقد يقع مع ملاحظته.
__________________
(١) عوالى اللئالي ٤ : ٥٨ ، ٢٠٧.
(٢) عوالى اللئالي ٤ : ٥٨ ، ٢٠٥.
(٣) كفاية الاصول ٢ : ٢٤٩ ـ ٢٥٢.
(٤) مجمع البيان ٣ : ٣٨٦ ، بحار الأنوار ٢٢ : ٣١ ، صحيح مسلم ٣ : ١٤٩ ، ١٣٣٧ ، سنن النسائي ٥ : ١١٠.
(٥) عوالى اللئالي ٤ : ٥٨ ، ٢٠٦.