المقام الثاني : في أدلّة الأخباريّون على الاحتياط
وأمّا الأخباريّون فقد استدلّوا بكلّ من الكتاب والسنّة والعقل على وجوب الاحتياط في الشبهات الحكميّة التحريميّة :
الدليل الأوّل : الكتاب
ومنه : الآيات الآمرة بالتقوى ، كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ)(١) بتقريب : أنّ حقّ التقوى المأمور بها في الآية الشريفة هو الاجتناب عن الشبهات التحريميّة ، فإنّ الاقتحام فيها ينافي حقّ التقوى الواجب.
وفيه : أوّلا : أنّ ارتكاب الشبهة استنادا إلى ما يدلّ على الترخيص شرعا وعقلا ـ كما ذكرناه ـ ليس منافيا للتقوى ، بل هو التقوى.
وثانيا : أنّ الأوامر الآمرة بالتقوى ليست أوامر مولويّة وإنّما هي أوامر إرشاديّة ، فلا تدلّ على الوجوب ؛ لأنّ الأمر الإرشادي دائما تابع للمرشد إليه ، والدليل على كون الأمر بالتقوى إرشاديّا هو أنّ التقوى لا تصدق إلّا بعد فرض ما يتّقى منه في الرتبة السابقة ، فلا بدّ من افتراض تنجّز التكليف
__________________
(١) آل عمران : ١٠٢.