«هل خبر الواحد حجّة أم لا» معناه : أنّه هل تثبت السنّة المشكوكة بخبر الواحد أم لا؟
إذا عرفت هذا فنقول : اختلف العلماء في حجّية الخبر الواحد ، والمشهور قائل بحجّيته في الجملة ، والمحكي عن السيّد (١) والقاضي (٢) وابن زهرة (٣) والطبرسي (٤) وابن إدريس (٥) عدم حجّيّته ، وقد عرفت أنّ القاعدة الأوّلية حرمة التعبّد بالمظنّة وعدم حجّيتها إلّا ما قام الدليل على الحجّية ، فلا بدّ من كون الدليل القائم على حجّية المظنّة قطعيّا ، أو حجّيته قطعيّة ؛ لعدم إمكان تخصيص القاعدة الكلّية بالدليل الظنّي.
أدلّة القائلين بعدم حجيّة الخبر الواحد
واستدلّ المانعون عن الحجّية ـ مع عدم احتياجهم إلى الاستدلال ـ بالأدلّة الأربعة :
أمّا الكتاب فالآيات الناهية عن اتّباع غير العلم ، كقوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(٦) ، وقوله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٧) ، وغير ذلك من الآيات الدالّة على ذمّ من يعتمد على الظنّ ، ومعلوم أنّ الخبر الواحد من المصاديق الظاهرة لطبيعة الظنّ ،
__________________
(١) رسائل المرتضى ٣ : ٣٠٩.
(٢) حكاه عنه في المعالم : ١٨٩.
(٣) الغنية ٢ : ٣٥٦.
(٤) مجمع البيان ٥ : ١٣٣.
(٥) السرائر ١ : ٥١.
(٦) الاسراء : ٣٦.
(٧) النجم : ٢٨.