أكله» فيصحّ لنا بعد الفحص واليأس عن الدليل بحرمته ونجاسته الحكم بحلّيته وطهارته استنادا إلى قاعدة الطهارة والحلّية.
وأمّا الاصول العمليّة المحرزة ـ كالاستصحاب وقاعدة الفراغ والتجاوز ـ فهي مقدّمة على سائر الاصول العمليّة عند التعارض ، مثل : تقدّم استصحاب النجاسة على قاعدة الطهارة ، ونحو ذلك.
كما أنّ قاعدة الفراغ والتجاوز متقدّمة على الاستصحاب ؛ إذ يتحقّق في جميع موارد جريان هذه القاعدة الاستصحاب المخالف لها من حيث النتيجة ، فإنّ الاستصحاب ضابطة تعبّدية قابلة للتخصيص والاستثناء كسائر العمومات ، ولذا نلاحظ تخصيصه في مورد هذه القاعدة وفي مورد الشكّ في عدد ركعات الصلاة والبناء على الأكثر.
واختلف العلماء في أنّ حجّية الاستصحاب تكون بعنوان الأماريّة أو بعنوان أنّه أصل من الأصول العمليّة المحرزة ، فإنّ الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره وتلامذته أنكروا عنوان أماريّته ، فإنّ اعتبار شيء بعنوان الأمارة من الشارع يتوقّف على تحقّق عنوان الكاشفيّة في الجملة والحكاية عن الواقع في نفس هذا الشيء ، ولا يتحقّق في الاستصحاب أيّ نوع من الكاشفيّة ؛ إذ اليقين المتعلّق بنجاسة الثوب ـ مثلا ـ أمارة على النجاسة في أوّل الصبح ، وتبدّل الآن بالشكّ ، وليس للشكّ أماريّة وكاشفيّة.
نعم ، حكى الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) عن بعض : أنّ ما ثبت يدوم ، ولكنّه بعد عدم الدليل عليه يرتبط بنفس الشيء ، بمعنى أنّه إذا وجد الشيء وكان فيه اقتضاء للدوام وصلاحية للاستمرار فهو يدوم ، ولا يرتبط
__________________
(١) الرسائل : ٣.