ملزم فلا ريب في تقدمه على غيره عقلا وشرعا ، إذ ليس للشارع ولا لغيره تفويت الملاك الملزم ، فيتعين ذلك من غير فرق بين كونه متقدما على المهم زمانا أو متقارنا معه أو متأخرا عنه ، اما في الأولين فواضح ، وامّا في الأخير فلما تقدم في المقدمات المفوتة من انّ العقل مستقل بحفظ القدرة على استيفاء الملاك الملزم فيما بعد ، وفي المقام وان لم يكن الحكم على طبق الملاك الملزم في طرفه فعليا من أول الأمر بناء على إنكار الواجب التعليقي إلّا انّ ثبوت الملاك الملزم في ظرفه كاف في حكم العقل بلزوم حفظ القدرة عليه ، أو حكم الشارع بوجوبها طريقيا على مسلك الميرزا قدسسره مثال ذلك ما لو كان عنده مقدار من الماء لا يفي إلّا لشرب شخص واحد والآن عنده رجل يموت من العطش ولكن يعلم بأنّ غدا يبتلى بنبي يموت عطشا لو لم يحفظ هذا الماء من الآن.
وأما لو كانا متساويين من حيث الأهمية ، فحيث انّ الترجيح بلا مرجح قبيح ، والأمر بهما معا غير معقول ، فلا مناص من ثبوت التخيير ، وهو واضح ، إلّا انّ الإشكال في انّ هذا التخيير هل هو تخيير شرعي كما في القسم الثاني ، أو انه عقلي بمعنى التخيير في النتيجة؟
فمن ذهب إلى الأول ادعى أنّه بعد استحالة بقاء التكليفين معا ، وكون ترجيح أحدهما المعين بلا مرجح يسقطان معا لا محالة ، وحيث انّ الملاك ثابت والمفروض تمكن المكلف من استيفاء أحدهما وليس للشارع تفويته ، فيستكشف العقل بنحو اللم حدوث خطاب تخييري متعلق بالجامع بينهما كعنوان أحدهما لا محالة.
ومن ذهب إلى الثاني نظر إلى انّ التزاحم انما نشأ من إطلاق الخطابين لا من أصلهما ، فلا يرفع اليد إلّا عن إطلاقهما ، لأنّ الضرورات تتقدر بقدرها ، فيقيد العقل إطلاق كل منهما بصورة عدم الإتيان بمتعلق الآخر ، فيكون هناك وجوبان تعيينيان كل منهما مشروط بترك متعلق الآخر.