المولى بإيجاد خط مستقيم وهو اقتصر خط يفرض بين نقطتين ، فشرع العبد في إيجاده ، فلما لم يرفع قلمه لا يوجد الخطّ المستقيم لاحتمال ان يميل قلمه ويجعله منحنيا أو مثلثا أو غير ذلك من الإشكال ، وإذا رفع القلم يكون ذلك خطا واحدا محدودا بحد خاص كشبر أو متر ونحوه ، وليس وجود الخطّ المستطيل بمقدار شبرين وجود خطين كل منهما بقدر شبر مثلا ، فانّ الاتصال مساوق للوحدة بالدقة العقلية وإلّا لزم وجود الجزء الّذي لا يتجزأ ، وهو محال ، وبنظر العرف أيضا ، بداهة انّ الحبل المستطيل لا يعد عرفا إلّا حبلا واحدا لا حبالا كثيرة.
ونظير ذلك ما إذا كانت القلة والكثرة من حيث الكم لا المساحة ، كما لو امر المولى عبده بان يتصدق درهما أو عشرة دراهم دفعة واحدة لا تدريجا ، فانه لو اختار الثاني لا يكون تلك العشرة مشتملة على درهم واحد وزائد ، وهذه الصورة في الحقيقة خارجة عن التخيير بين الأقل والأكثر ويكون من قبيل المتباينين.
وأخرى : يكون الأقل موجودا في ضمن الأكثر ، وهذا ينقسم إلى قسمين ، فإنّ الأقل الموجود في ضمن الأكثر ربما يكون مأخوذا بشرط لا عن الزائد في متعلق الأمر ، وربما يكون لا بشرط بالإضافة إليه.
مثال الأول التخيير بين القصر والتمام في مواضع التخيير ، فانّ ركعتين وان كانتا موجودتين في ضمن أربع ركعات وهي مشتملة عليهما ، إلّا انهما مأخوذتان بشرط لا عن الزيادة ، ولذا لو صلى المكلف ثلاث ركعات لم يأت بالواجب بحده وان أتى بذات الركعتين في ضمن الثلاث ، فمرجع هذا أيضا إلى المتباينين وان كانت الصورة صورة الأقل والأكثر ، فلا مانع من التخيير في مثاله أيضا.
واما القسم الثاني ، كالتخيير في ذكر الركوع والسجود بين الواحد والأكثر ، وفي مثل ذلك يستحيل التخيير ، لأنه بعد ما أتى المكلف بالأقل فقد أتى بالواجب إذ المفروض انه لم يكن محدودا ، بل كان حده اللابشرطية فيسقط الوجوب لا محالة ،