وعلى تسليم ذلك
فلتكن مخالفته موجبا للعقاب ومحرما ، مع انا نرى ان ذلك من أفحش الأغلاط ، مثلا لو
يقال بدل «سرت من البصرة إلى الكوفة» ، «سرت ابتداء التعريف الانتهاء التعريف
الكوفة» يكون فساده من أوضح الواضحات ، وهكذا لو يقال بدل ابتداء البصرة من
البصرة.
وقد وجه بعض
الأعاظم كلامه بما حاصله :
ان المعاني تارة
تكون ملحوظة باللحاظ الاستقلالي ، وأخرى تلاحظ آليا ، كما انه تارة ينظر في المرآة
بما هي ويراد بذلك تمييز خصوصيات المرآة من طولها وعرضها ، وأخرى ينظر فيها ليرى
صورته.
وفي الأول يكون
النّظر إلى المرآة استقلاليا ، وفي الثاني يكون آليا ، والحروف تكون موضوعة لذوات
الحصص الملحوظة باللحاظ الآلي ، والأسماء موضوعة للحصص الملحوظة باللحاظ
الاستقلالي بنحو يكون التقيد داخلا والقيد خارجا لأن لا يلزم المحاذير المذكورة في
كلامه ، وعليه فيكون اتحادهما بالذات وبالنوع أي يكون المعنى الاسمي والمعنى
الحرفي من نوع واحد ، فالمراد من اتحادهما هذا المعنى.
وفيه : أولا ـ ان
لازم ذلك ان يكون الوضع فيها عاما والموضوع له خاصا ، إذ يكون الملحوظ حال الوضع
المعنى الملحوظ استقلاليا أو آليا والموضوع له يكون افراد المعنى الملحوظة كذلك
ومصاديقه بمشيرية ذلك العنوان ، وهذا مخالف لمبناه.
وثانيا ـ يلزم عدم
صدقه على الخارج ، وذلك لأن في باب المقيّدات وان لم يكن القيد داخلا فيها إلّا ان
التقيد يكون داخلا في المقيد ، ومأخوذا فيه لا محالة ، مثلا لو قال : «أكرم العالم
العادل» فان نفس العدالة وان لم تكن مأخوذة في الموضوع ولكن التخصص والتقيد بها
يكون داخلا فيه ، وفي المقام التقيد باللحاظ لا محالة يكون داخلا في الموضوع له
على هذا والمعنى المقيد باللحاظ يكون من