وتلخص ان الثمرة الأولى للبحث ثابتة ، إذ على الصحيحي لا يرجع إلى البراءة إلّا في صورة واحدة ، بخلافه على الأعمي فانه مبني فيه على الانحلال.
الثمرة الثانية : التي ذكروها انه على الأعمي يمكن التمسك بإطلاق الألفاظ ، وعلى الصحيحي لا يمكن ذلك.
ونقول في بيانه : ان الإطلاق تارة : يكون إطلاقا مقاميا ، وأخرى : لفظيا.
والإطلاق المقامي عبارة عن سكوت المولى عن بيان شيء مع كون المقام مقتضيا لبيانه لو كان دخيلا في غرضه ، كما في رواية «حماد» الواردة في كيفية الصلوات ، وهذا هو الّذي يعبر عنه بان «عدم الوجود دليل على العدم» أو ان «السكوت في مقام البيان بيان» ، وبالجملة لو كان المولى في مقام بيان تمام غرضه ولم يبين شيئا يستكشف منه عدم المقتضى بتبعية مقام الإثبات لمقام الثبوت.
ويجري ذلك في التكاليف الاستقلالية والضمنية ، مثلا لو كان في مقام بيان كيفية الصلاة ولم يبيّن وجوب القنوت فيها تمسك بالإطلاق المقامي لعدم دخله فيها. وهكذا لو كان في مقام بيان الوظائف اليومية ولم يذكر صلاة الليل نستكشف عدم وجوبها إلى غير ذلك ، وهذا الإطلاق جار على القول بالصحيح والأعم ، ولا يفرق فيه القولان.
وأما الإطلاق اللفظي ، فأول مقدمة من مقدماته ان يكون صدق اللفظ بما له من المفهوم على المورد والموجود الخارجي محرزا. فلو لم يكن الصدق محرزا ، أما لشبهة مفهوميّة ، أو لشبهة موضوعية لا يكون مجال للتمسّك بالإطلاق. مثلا ورد في الآية : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(١) ، وصدق الماء على اللزاج والكبريت مشكوك مفهوما ، فلو شك في طهوريّة ذلك لا يمكننا التمسّك بإطلاق الآية أصلا ،
__________________
(١) الفرقان ـ ٤٨.