انه لو قال أحد كل مسلم فاسق فهو يعاقب بعدد أفراد المسلمين ، لأنه اغتابهم ، أو افترى عليهم.
وبالجملة فكما يأتي القسمان في غير الوضع يتصوّر في الوضع أيضا فإذا تصوّر الواضع المعنى بنحو السريان يكون متصوّرا للفرد ، وإذا وضع اللفظ له كذلك يكون الموضوع له ذوات الأفراد مثلا يتصوّر عنوان المتولد في يوم الجمعة ويضع اللفظ لمصاديقه وأفراده ، وهذا المعنى غير جار في تصوّر الخاصّ والجزئي ، فانه لو الغي عنه في مقام الوضع الخصوصيات الشخصية حتى الوجود فلا محالة يكون المتصور عاما وكليا أي نفس الطبيعي ، وإلّا فيكون الموضوع له خاصا كالوضع.
وما قيل : من انه ربما لا يكون إلغاء الخصوصية أيضا موجبا للحاظ الطبيعي ، كما لو فرضنا انه يرى من بعيد جسما ولا يميّزه ، وبمعرفيّته يضع اللفظ لطبيعي هذا الفرد ، فان الطبيعي حينئذ لا يكون معلوما للواضع ليتصوره ، فمغالطة ظاهرة ، وذلك لأن الطبيعي في هذا الفرض أيضا ملحوظا غايته بعنوان كلي هذا الفرد المعلوم عند الله سبحانه وتعالى المجهول لديه ، فالمعنى العام ملحوظ ولكنه غير مميّز عنده.
فالصحيح : إمكان الوضع العام والموضوع له الخاصّ بخلاف العكس.
المقام الثاني : في وقوعه ، وربما يقال : ان وضع الحروف وما شابهها من الموصولات وأسماء الإشارة ونظائرها من هذا القبيل ، فلا بدّ من البحث عن المعاني الحرفيّة ، وبيان ذلك والفارق بينها وبين المعاني الاسمية ليعلم انها من هذا القبيل أم لا؟ فنقول : المحتمل في المعاني الحرفية وجوه :
الأول : ما نسب إلى الرضي من انها ليست إلّا علائم لكيفيّة استعمال المعاني الاسمية ولحاظها كالإعراب والتقدّم والتأخّر ، فان المعنى الاسمي تارة : يلاحظ بما انه عين ومن حيث هو فيقال : «الدار قيمتها كذا» وأخرى : يلاحظ بما هو أين وظرف مكان فيقال : «زيد في الدار» فلفظ «في» يكون علامة على ان الدار