ثانية أو ثالثة بعد سقوط وجوب ذي المقدمة ، وان قلنا بأنّ معناه تكرار المعصية ولو دفعة واحدة ، فلا يتم ما ذكره ، لأنه بترك المقدمة الأولى يتحقق عصيان جميع المقدمات وذيها على القول بوجوبها ، وهنا يترتب عليه العقاب ، لأنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا.
والصحيح في الجواب انّ العصيان انما يكون بمخالفة التكليف النفسيّ الناشئ عن غرض ملزم في متعلقه وتفويته ، وامّا الوجوب الغيري فليس له عصيان لعدم ثبوت الغرض الملزم فيه فلا تفويت.
والشاهد على ذلك انه لا فرق في المعصية بين ما إذا أتى المكلف ببعض مقدمات الواجب ولم يأت بالواجب وما إذا لم يأت بشيء منها أصلا.
السادسة : ظهور الثمرة في جواز أخذ الأجرة على المقدمة وعدمه. وقد ذكر النائيني قدسسره ما حاصله (١) : انه تارة : يكون الواجب هو إيجاد العمل أي المعنى المصدري دون المعنى الاسم المصدري ، وأخرى : ينعكس الأمر.
وعلى الأول يبقى العمل على ماليته كما في وجوب إعطاء الطعام عند المخمصة والمجاعة ، فانّ الواجب حينئذ على المحتكر ليس إلّا الإعطاء بالمعنى المصدري واما نفس المال فهو باق على ماليته ولذا يجوز أخذ البدل عليه. وهكذا في باب الإجارات عند وجوبها.
وعلى الثاني فان كان وجوبه عينيا فالظاهر سقوط العمل عن المالية ، لكونه مملوكا له تعالى بإيجابه ذلك ، وان كان كفائيا فان لم يكن قابلا للنيابة فكذلك ، وان كان قابلا لها كما في الجهاد ، فانه يمكن ان يستنيب أحد غيره للجهاد إذا كان مريدا للحج ، فلا مانع من أخذ الأجرة عليه ، والمقدمات تابعة لذيها في ذلك.
__________________
(١) أجود التقريرات ـ المجلد الأول ـ ص ٢٤٥ وما بعدها.