بنحو الإهمال أو الإطلاق ، وانما العلم الإجمالي متعلّق بالأقل لشرط لا أو الأكثر بشرط شيء ، وهما متباينان ، فلا انحلال لتجري البراءة عن الأكثر ، ونحن وان أجبنا عن هذه الشبهة في محلّه ، إلّا انها غير جارية في فرض تعدد الأمر أصلا ، إذ عليه يكون تعلّق التكليف بالأقل متيقّنا ، اما بنحو الإطلاق أو الإهمال ، ويكون تعلّق التكليف الثاني مشكوكا فيه بالشك البدوي ، فتجري عنه البراءة بلا إشكال.
واما على الفرض الثالث ، فالبراءة الشرعيّة غير جارية لاختصاص أدلتها كقوله عليهالسلام : «رفع ما لا يعلمون» (١) بما يكون قابلا للوضع والرفع ، واعتبار قصد القربة في متعلّق الأمر محال على الفرض ، ودخله في الفرض امر واقعي أجنبي عن اعتبار الشارع فإذا لم يكن قابلا للوضع الشرعي لا يكون قابلا للرفع أيضا. واما البراءة العقلية وهي «قبح العقاب بلا بيان» ، فهي جارية فيه ، وذلك لأن العبد وان كان في غاية الانقياد لمولاه ، لا يتحرّك إلّا عن تحريك المولى ، فإذا لم يكن في البين بعث وتحريك لا يكون هناك ملزم له على الانبعاث ، فيحكم العقل فيه بقبح العقاب بلا بيان. وبعبارة أخرى : لا اختصاص للبراءة العقلية بباب التكاليف ، بل تجري في الأغراض أيضا.
نعم يبقى إشكال ، وهو انه إذا لم يكن البيان ممكنا ، فكيف يجري قبح العقاب بلا بيان؟! والجواب عنه :
أولا : انه لا وجه لاعتبار التمكن من البيان في ذلك ، ولذا لو كان المولى في السجن وممنوعا عن التكلم واحتملنا تعلّق غرضه بشيء تجري البراءة عن ذلك ولا يكون العبد ملزما بإتيان ما احتمل تعلق غرض المولى به.
وثانيا : في المقام يمكن للمولى البيان ولو بالأخبار ، وعليه فلا تصل النوبة إلى
__________________
(١) الخصال ـ ج ٢ ـ ص ٤١٧.