قلنا لهم : هذا حجة لنا لأن من انتهى عن الكفر غفر له ، وإن انتهى عن الزنا غفر له ، وإن لم ينته عن الزنا لم يغفر له ، فإنما يغفر له ما انتهى عنه ، ولم يغفر له ما لم ينته عنه.
ولم يقل تعالى : إن ينتهوا عن الكفر يغفر لهم سائر ذنوبهم.
والزيادة في الآية كذب على الله تعالى وهي أعمال متغايرة كما ترى ليست التوبة عن بعضها توبة عن سائرها. فلكل واحد منهما حكمه ، فإن ذكروا حديث عمرو بن العاص عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «الإسلام يجبّ ما قبله». (١)
فقد قلنا : إن الإسلام اسم لجميع الطاعات ، فمن أصر على المعصية فليس فعله في المعصية التي يتمادى عليها إسلاما ، ولا إيمانا ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يزني الزّاني حين يزني وهو مؤمن». (٢)
فصح أن الإسلام ، والإيمان هو جميع الطاعات ، فإذا أسلم من الكفر وتاب من جميع معاصيه فهو الإسلام الذي يجبّ ما قبله.
وإذا لم يتب من معاصيه فلم يحسن في الإسلام ، فهو مأخوذ بالأول والآخر ، كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبهذا تتفق الأحاديث وكذلك قوله عليهالسلام : «والهجرة تجبّ ما قبلها». (٣)
فقد صح عنه عليهالسلام أنّ «المهاجر من هجر ما نهاه الله عنه» (٤) فمن تاب من جميع المعاصي التي سلفت منه فقد هجر ما نهاه الله عنه فهذه هي الهجرة التي تجبّ ما قبلها.
وأما قوله عليهالسلام : «والحجّ يجبّ ما قبله» (٥) فقد جاء «أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحجّ المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة» (٦). فهذا على
__________________
(١) رواه الإمام أحمد في المسند (٤ / ١٩٩ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥).
(٢) رواه ابن ماجة في الفتن باب ٣.
(٣) رواه أبو داود في الوتر باب ١١ ، والنسائي في الزكاة باب ٤٩ ، والبيعة باب ١٢ ، والدارمي في الصلاة باب ١٣٥ ، وأحمد في المسند (٢ / ١٦٠ ، ١٩١ ، ١٩٣).
(٤) جزء من حديث طويل رواه مسلم في الإيمان باب ٥٤ (حديث ١٩٢) وفيه : «.. وأن الحجّ يهدم ما كان قبله».
(٥) رواه البخاري في الإيمان باب ١٨ ، والحج باب ٤ و ٣٤ و ١٠٣. ومسلم في الإيمان (حديث ١٣٥) والحج (حديث ٢٠٤) والترمذي في فضائل الجهاد باب ٢٢. وابن ماجة في المناسك باب ٣.