معان محدودة معروفة لم تعرفها العرب قط ، حتى أنزل الله عزوجل بها الوحي على رسوله صلىاللهعليهوسلم أنه من أتى بها استحق اسم الإيمان والإسلام وسمي مؤمنا مسلما ، ومن لم يأت بها لم يسم مؤمنا ولا مسلما ، وأن صدق بكل شيء غيرها ، أو تبرأ من كل شيء حاشى أما أوجبت الشريعة التبرؤ منه. وكذلك الكفر والشرك لفظتان منقولتان عن موضوعهما في اللغة لأن الكفر في اللغة : التغطية والشرك أن تشرك شيئا مع آخر في أي معنى جمع بينهما ، ولا خلاف بين أحد من هل التمييز في أن كل مؤمن في الأرض في أنه يغطي أشياء ، ولا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أنه لا يجوز أن يطلق عليه من أجل ذلك الكفر ، ولا الشرك ، ولا أن يسمى كافرا ولا مشركا ، وصح يقينا أن الله تعالى نقل اسم الكفر والشرك إلى إنكار أشياء لم تعرفها العرب ، وإلى أعمال لم تعرفها العرب قط ، كمن جحد الصلاة أو صوم رمضان ، أو غير ذلك من الشرائع التي لم تعرفها العرب قط ، حتى أنزل الله تعالى بها وصيه ، أو كمن عبد وثنا فمن أتى بشيء من تلك الأشياء سمي كافرا أو مشركا ، ومن لم يأت بشيء من تلك الأشياء لم يسم كافرا ولا مشركا ، ومن خالف هذا فقد كابر الحس ، وجحد العيان ، وخالف الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم والقرآن والسنن وإجماع المسلمين ، وبالله تعالى التوفيق.
فصل
قال أبو محمد رضي الله عنه : واختلف الناس في قول المسلم : أنا مؤمن فروينا عن ابن مسعود ، وجماعة من أصحابه الأفاضل ، ومن بعده من الفقهاء أنه كره ذلك وكان يقول : أنا مؤمن إن شاء الله ، وقال بعضهم آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وكانوا يقولون : من قال : أنا مؤمن فليقل إنه من أهل الجنة.
قال أبو محمد رضي الله عنه : فهذا ابن مسعود وأصحابه حجج في اللغة فأين جهال المرجئة المموهون باللغة في نصر بدعتهم.
قال أبو محمد رضي الله عنه : والقول عندنا في هذه المسألة أن هذه صفة يعلمها المرء من نفسه ، فإنه كان يدري أنه مصدق بالله عزوجل ، وبمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وبكل ما أتى به عليهالسلام ، وأنه يقر بلسانه بكل ذلك فواجب عليه أن يعترف بذلك كما أمر تعالى إذ قال تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [سورة الضحى : ١١].
ولا نعمة أوكد ، ولا أفضل ، ولا أولى بالشكر من نعمة الإسلام ، فواجب عليه أن يقول : أنا مؤمن مسلم قطعا عند الله تعالى في وقتي هذا ولا فرق بين قوله أنا مؤمن