فمن ظن أن النبي صلىاللهعليهوسلم شك قط في قدرة ربه عزوجل على إحياء الموتى فقد كفر ، وهذا الحديث حجة لنا ، ونفي للشك عن إبراهيم ـ أي لو كان هذا الكلام من إبراهيم عليهالسلام شكا لكان من لم يشاهد من القدرة ما شاهد إبراهيم عليهالسلام أحق بالشك ، فإذا كان من لم يشاهد من القدرة ما شاهد إبراهيم غير شاك ، فإبراهيم عليهالسلام أبعد من الشك.
قال أبو محمد : ومن نسب هاهنا إلى الخليل عليهالسلام الشك فقد نسب إليه الكفر ، ومن كفّر نبيا فقد كفر ، وأيضا فإن كان ذلك شكا من إبراهيم عليهالسلام وكنا نحن أحق بالشك منه فنحن إذا شكاك جاحدون كفار ، وهذا كلام نعلم والحمد لله بطلانه من أنفسنا ، بل نحن ولله الحمد مؤمنون مصدقون بالله تعالى ، وقدرته على كل شيء يسأل عنه السائل.
وذكروا قول إبراهيم عليهالسلام لأبيه واستغفاره له ، وهذا لا حجة لهم فيه لأنه لم يكن نهي عن ذلك ، قال تعالى : (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) [سورة التوبة آية رقم ١١٤]. فأثنى الله تعالى عليه بذلك ، فصح أن استغفار إبراهيم لأبيه إنما كان مدة حياته راجيا إيمانه فلما مات كافرا تبرأ منه ولم يستغفر له بعدها.
تم الكلام في إبراهيم عليهالسلام.
الكلام في لوط عليهالسلام
قال أبو محمد : وذكروا قول الله تعالى في لوط عليهالسلام أنه قال : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) [سورة هود : ٨٠] فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد». (١)
فظنوا أن هذا القول منه عليهالسلام إنكار على لوط عليهالسلام وذكروا قول لوط أيضا : (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) [سورة هود : ٧٨].
قال أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه ، أما قوله عليهالسلام : (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) فليس مخالفا لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يرحم الله لوطا
__________________
شديد. ولو لثبت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي». ورواه أيضا برقم ٣٣٧٥ و ٣٣٨٧ و ٤٥٣٧ و ٤٦٩٤ و ٦٩٩٢. ورواه مسلم في الإيمان حديث ٢٣٨ ، والفضائل حديث ١٥٢ ، وابن ماجة في الفتن باب ٢٣ ، وأحمد في المسند (٢ / ٣٢٦).
(١) تقدم تخريجه. انظر الفهارس العامة.