وهكذا أخبر عليهالسلام في قوم يخرجون من النار حتى إذا نقوا وهذبوا أدخلوا الجنة. (١)
وقد بين عليهالسلام ذلك بأنه يخرج من النّار من في قلبه مثقال حبّة شعير من خير ثمّ من في قلبه مثقال برّة من خير ، ثمّ من في قلبه مثقال حبّة من خردل ، ثمّ من في قلبه مثقال ذرّة .. إلى أدنى أدنى من ذلك. ثمّ من لا يعمل خيرا قط إلّا شهادة الإسلام. (٢)
فوجب الوقوف عند هذه النصوص كلها المفسرة للنص المجمل. ثم يقال لهم : أخبرونا عمن لم يعمل شرا قط إلا اللمم ، ومن همّ بالشر فلم يفعله ..؟ فمن قول أهل الحق : إنه مغفور له جملة ، بقوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) [سورة النجم : ٣٢] وبقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تخرجه بقول أو عمل». (٣)
قال أبو محمد : وهذا ينقسم أقساما أحدها : من هم بسيئة أي شيء كانت من السيئات ، ثم تركها مختارا لله تعالى ، فهذا تكتب له حسنة ، فإن تركها مغلوبا لا مختارا
__________________
عليه ثم طرح في النار». رواه مسلم في البر والصلة والآداب (حديث ٥٩) والترمذي في القيامة باب ٢ ، وأحمد في المسند (٢ / ٣٠٢ ، ٣٣٤ ، ٣٧٢).
(١) لفظ الحديث كما رواه البخاري في المظالم ، باب ١ (حديث رقم ٢٤٤٠) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، فيتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا نقّوا وهذّبوا أذن لهم بدخول الجنة. فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدلّ بمنزله كان في الدنيا». ورواه أيضا في الرقاق باب ٤٨ (حديث ٦٥٣٥). ورواه أيضا الإمام أحمد في المسند (٣ / ١٣ ، ٦٣ ، ٧٤).
(٢) رواه من طرق متعددة : البخاري في الإيمان باب ١٥ ، والرقاق باب ٣٥ و ٥١ ، والفتن باب ١٣ ، والتوحيد باب ٣٦. ومسلم في الإيمان حديث ٨٠ و ١٤٨ و ٢٣٠ و ٣٠٤ و ٣٢٦ ، والفتن حديث ٥٢. وأبو داود في اللباس باب ٦٨. والترمذي في الفتن باب ١٧. وابن ماجة في الزهد باب ١٦. وأحمد في المسند (٣ / ٢٥٦ ، ١٤٤ ، ٣٢٦ ، ٥ / ٣٨٣).
(٣) رواه من حديث أبي هريرة : البخاري في الإيمان باب ١٥ والطلاق باب ١١. ومسلم في الإيمان حديث ٢٠١ و ٢٠٢ ، والرؤيا حديث ١٥. وأبو داود في الطلاق باب ١٥. والترمذي في الطلاق باب ٨ ، وتفسير سورة البقرة باب ٣٧. وابن ماجة في الطلاق باب ١٤. وأحمد في المسند (٢ / ٢٥٥ ، ٣٩٣ ، ٤٢٥ ، ٤٧٤ ، ٤٨١ ، ٤٩١). ولفظه عند البخاري (حديث رقم ٦٦٦٤) : «إنّ الله تجاوز لأمّتي عمّا وسوست أو حدّثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلّم».