وهو أن سؤال السائل عن المحال ، والمعدوم ـ هو بلا شك سؤال موجود مسموع ملفوظ به. فجوابنا له هو أننا حققنا : أن الله تعالى قادر على أن يخلق لذلك اللفظ معنى يوجده ، وهذا جواب صحيح معقول ، وهذا قولنا وليس إلّا هذا القول. وقول عليّ الأسواري الذي يقول : إن الله تعالى لا يقدر على غير ما علم أنه يفعله جملة.
وأمّا كل من خالفنا ، وخالف الأسواريّ فلا بد له من الرجوع إلى قولنا أو الوقوع في قول الأسواري ، وإن زعم أنه متى وصف الله تعالى بالقدرة على شيء لم يفعله من إبراء مريض أو خلق شيء ، أو تحريك شيء ساكن ، فإنه قد وصفه بالقدرة على إحالة علمه ، وتكذيب حكمه ، وهذا هو المحال ـ فقد قال بقولنا ولا بدّ ، أو بقول الأسواري ولا بدّ.
وأما كل سؤال أدّى إلى القول في ذاته عزوجل ـ فإننا نقول : إن كل ما سأل عنه سائل لا يحاشي شيئا فإن الله تعالى قادر عليه ، غير عاجز عنه ، إلّا أن من السؤالات سؤالات لا يستحل سماعها ، ولا يحلّ النطق بها ، ولا يحل الجلوس حيث يلفظ بها ، وهي كل ما فيها كفر بالباري عزوجل أو استخفاف به ، أو بنبي من أنبيائه ، أو بملك من ملائكته ، أو بآية من آياته.
وقد قال تعالى : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) [سورة النساء : ١٤٠].
وقال عزوجل : (قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [سورة التوبة : ٦٥ ، ٦٦].
قال أبو محمد : ولو أن سائلا سألنا : هل الله قادر على أن يمسخ هذا الكافر قردا أو كلبا ..؟
لقلنا : نعم.
ولو أنه أراد أن يسألنا هذا السؤال فيمن يلزمنا تعظيمه من ملك أو نبي ، أو صاحب نبي ، أو مسلم فاضل ، لم يحل لنا الاستماع إليه. ولكنا قد أجبناه جوابا كافيا ، بأن الله قادر على كل ما يسأل عنه ، لا يحاشي شيئا ، فمن تمادى بعد هذا الجواب الكافي ـ فإنما غرضه التشنيع فقط والإيهام ، وهذا من دلائل العجز في المناظرة ، والانقطاع. والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد : والناس في هذا الباب على أقسام :