التصديق ، فبالضرورة ندري أن الزيادة تقتضي النقص ضرورة ولا بدّ لأن معنى الزيادة إنما هي عدد مضاف إلى عدد ، وإذا كان ذلك فذلك العدد المضاف إليه هو بيقين ناقص عند عدم الزيادة فيه وقد جاء النص بذكر النقص وهو قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشهور المنقول نقل الكواف أنه قال للنساء : «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للبّ الرّجل الحازم منكنّ» قلن : يا رسول الله وما نقصان ديننا؟ قال عليهالسلام : «أليس تقيم المرأة العدد من الأيّام واللّيالي لا تصوم ولا تصلّي فهذا نقصان دينها» (١).
قال أبو محمد : ولو نقص من التصديق شيء لبطل عن أن يكون تصديقا ، لأن التصديق لا يتبعض أصلا ، ولصار شكا ـ وبالله تعالى التوفيق ـ وهم مقرّون بأن امرأ لو لم يصدق بآية من القرآن أو بسورة منه وصدق بسائره لبطل إيمانه.
فصحّ أن التصديق لا يتبعض أصلا.
قال أبو محمد : وقد نص الله عزوجل على أن اليهود يعرفون النبي صلىاللهعليهوسلم كما يعرفون أبناءهم ، وأنهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل وقال تعالى : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) [سورة الأنعام : ٣٣].
وأخبر تعالى عن الكفار فقال : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [سورة الزخرف : ٨٧].
فأخبر تعالى أنهم يعرفون صدقه ولا يكذبونه وهم اليهود والنصارى وهم كفار بلا خلاف من أحد من الأمة ومن أنكر كفرهم فلا خلاف من أحد من الأمة في كفره وخروجه عن الإسلام.
ونصّ تعالى عن إبليس أنه عارف بالله تعالى وبملائكته وبرسله وبالبعث ، وأنه قال : (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [سورة الحجر : ٣٦].
وقال : (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) [سورة الحجر : ٣٣].
وقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [سورة الأعراف : ١٢].
وكيف لا يكون مصدقا بكل ذلك وهو قد شاهد ابتداء خلق الله تعالى لآدم ،
__________________
(١) رواه البخاري في الحيض باب ١٦ ، والزكاة باب ٤٤. ومسلم في الإيمان (حديث ١٣٢) وأبو داود في السنّة باب ١٥. والترمذي في الإيمان باب ٦. وابن ماجة في الفتن باب ١٩. وأحمد في المسند (٢ / ٦٧ ، ٣٧٣ ، ٣٧٤).