فعلى كل قد أوقع الله عزوجل اسم الصلاة على أعمال غير الدعاء ولا بد ، وعلى دعاء محدود لم تعرفه العرب قط ، ولا عرفت إيقاع الصلاة على دعاء بعينه دون سائر الدعاء.
ومنها الزكاة ، وهي موضوعة في اللغة للنماء والزيادة فأوقعها الله تعالى على إعطاء مال محدود معدود من جملة أموال ما موصوفة معدودة معينة دون سائر الأموال لقوم محدودين في أوقات محدودة فإن هو تعدّى شيئا من ذلك لم يقع على فعله ذلك اسم زكاة ولم تعرف العرب قط هذه الصفات.
والصيام في لغة العرب : الوقوف.
نقول : صام النهار إذا طال حتى صار كأنه واقف لطوله.
قال امرؤ القيس :
إذا صام النّهار وهجّرا (١)
وقال آخر وهو النابغة الذبياني :
خيل صيام وخيل غير صائمة |
|
تحت العجاج وخيل تعلك اللّجما (٢) |
فأوقع الله تعالى اسم الصيام على الامتناع من الأكل والشرب والجماع وتعمد القيء من وقت محدود بتبين الفجر الثاني إلى غروب الشمس في أوقات من السنة محدودة فإن تعدّى لم يسمّ صياما وهذا أمر لم تعرفه العرب قط.
فظهر فساد قول من قال : إن الأسماء لا تنقل في الشريعة عن موضوعها في اللغة. وصح أن قولهم هذا مجاهرة سمجة قبيحة.
قال أبو محمد : فإذ قد وضح وجود الزيادة في الإيمان بخلاف قول من قال إنه
__________________
(١) تمام البيت :
فدع ذا وسلّ الهمّ عنك بجشرة |
|
ذمول إذا صام النهار وهجّرا |
وهو في ديوان امرئ القيس (ص ٦٣) ولسان العرب (٥ / ٢٥٥ ـ هجر) و (١٢ / ٣٥١ ـ صوم) وتهذيب اللغة (١٢ / ١٥٩) وأساس البلاغة (جسر) وتاج العروس (١٤ / ٤٠٢ ـ هجر) و (صام) ومقاييس اللغة (٣ / ٣٢٣).
(٢) البيت في ملحق ديوان النابغة الذبياني (ص ٢٤٠) ولسان العرب (١٠ / ٤٧٠ ـ علك) و (١٢ / ٣٥١ ـ صوم) وتهذيب اللغة (١ / ٣١٣ ، ١٢ / ٢٥٩) وجمهرة اللغة (ص ٨٩٩) وكتاب العين (١ / ٢٠٢) ومقاييس اللغة (٣ / ٣٢٣ ، ٤ / ١٣٢) ومجمل اللغة (٣ / ٢٥١) والمخصص (١٣ / ٩٠) والمعاني الكبير (ص ٩١٥) والكامل (ص ٩٩٢) وتاج العروس (علك ، صوم).