لأنه لا يعجز أحد أن يسمّي الحقّ باطلا ، والباطل حقا ، وأن يحيل الأسماء كلّها عن موضوعها ، وهذا خروج عن الشرائع والمعقول. ولكنّا نقول : إنه كريم ، كما قال تعالى. ولا يبعد عنّا أن تسمى نعم الله تعالى على عباده كرما ، وأن الله تعالى كريم ـ نستحسن إطلاق ذلك ، ونسميها أيضا فضلا ـ قال الله عزوجل : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) [سورة الحديد : ٢١]. وقد ثبت النص بأن له تعالى كرما.
وحدّثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد حدثنا إبراهيم بن أحمد ، أنبأنا الفربري ، حدثنا البخاري : قال لي خليفة بن خياط : (١) حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، وعن معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يزال يلقى فيها ، وتقول هل من مزيد ، حتى يضع فيها رب العالمين قدمه ، فيزوى بعضها إلى بعض وتقول قد قد ، وعزتك ، وكرمك» (٢).
قال أبو محمد : وقد اضطرب الناس في السؤال عن أشياء ذكروها وسألوا : هل يقدر الله عليها أم لا؟
واضطربوا أيضا في الجواب عن ذلك.
قال أبو محمد : ونحن إن شاء الله تعالى مبينون بحوله وقوته وجه تحقيق السؤال عن ذلك ، وتحقيق الجواب فيه دون خلط ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم.
فنقول وبالله تعالى التوفيق : إنّ السؤال إذا حقق بلفظ يفهم السائل منه مراد نفسه ، ويفهم المسئول مراد السائل عنه فهو سؤال صحيح والجواب عنه لازم ، ومن أجاب عنه بأن هذا سؤال فاسد ، وأنه محال فإنما هو جاهل بالجواب ، منقطع متسلل عنه.
__________________
(١) هو الإمام الحافظ المؤرخ خليفة بن خياط بن خليفة بن خياط أبو عمرو العصفري البصري ويلقّب بشباب ، صاحب التاريخ والطبقات. حدث عنه البخاري بسبعة أحاديث أو أزيد في صحيحه. توفي خليفة سنة ٢٤٠ ه. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (١١ / ٤٧٢) والتاريخ الكبير للبخاري (٣ / ١٩١) والجرح والتعديل (٣ / ٣٧٨) ووفيات الأعيان (٢ / ٢٤٣) وتذكرة الحفاظ (٢ / ٤٣٦) والعبر (١ / ٤٣٢) وميزان الاعتدال (١ / ٦٦٥) وغاية النهاية في طبقات القراء (١ / ٢٧٥) وطبقات الحفاظ (ص ١٩٠) وشذرات الذهب (٢ / ٩٤).
(٢) رواه البخاري في التفسير ، تفسير سورة ق ، باب ١ ، حديث ٤٨٤٨. ومسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها (حديث ٣٧ ، ٣٨) وقوله «قد قد» يروى أيضا : «قط قط» بالطاء ، ومعناها : حسبي. وفيها ثلاث لغات : قد ، وقد ، وقد. أو : قط ، وقط ، وقط.