وأما السؤال الذي يفسد بعضه بعضا ، وينقض آخره أوله فهو سؤال فاسد لم يحقق بعد ، وما لم يحقق السؤال عنه فلا (١) يسأل عنه ، وما لا (٢) يسأل عنه فلا يلزم فيه جواب على تمثله ، فهاتان قضيتان جامعتان ، وكافيتان في هذا المعنى ، لا يشذ عنهما شيء منه إلّا أنه لا بدّ من جواب ببيان حوالته لا على تحقيقه ، ولا على تشكله ولا على توهمه. وبالله تعالى التوفيق.
ثم نحدّ المسئول عنه في هذا الباب بحدّ جامع بحول الله وقدرته ، فيرتفع الإشكال في هذه المسألة إن شاء الله. فنقول وبالله تعالى نتأيّد :
إنّ الشيء المسئول عنه في هذا الباب إن كان إنما سأل السائل عن القدرة على إحداث فعل مبتدأ ، أو على إعدام فعل مبتدأ فالمسئول عنه مقدور عليه ، ولا نحاشي شيئا ، والسؤال صحيح ، والجواب عنه بنعم لازم.
وإن كان المسئول عنه ما لا ابتداء له : فالسؤال عن تغييره أو إحداثه أو إعدامه سؤال متفاسد ، لا يمكّن السائل عنه فهم معنى سؤاله ، ولا تحقيق سؤاله وما كان هكذا فلا يلزم الجواب عنه على تحقيقه ، ولا على تشكله ، لأن الجواب عن التشكل لا يكون إلّا عن جواب عن سؤال ، وليس هاهنا سؤال أصلا ، فلا جواب.
ثم نقول وبالله تعالى التوفيق : إنّ من الواجب أن نبيّن بحول الله تعالى وقوّته : ما المحال ..؟ وعلى أي شيء تقع هذه اللفظة؟ وعن ما ذا يعبّر عنها ..؟ فإن من قطع بشيء ولم يعرف تحقيق معناه فهو في غمرات من الجهل ، فنقول وبالله تعالى نتأيّد :
إنّ المحال ينقسم أربعة أقسام لا خامس لها :
أحدها : محال بالإضافة.
والثاني : محال بالوجود.
والثالث : محال فيما بيننا في بنية العقل عندنا.
والرابع : محال مطلق.
فالمحال بالإضافة مثل : نبات اللحية لابن ثلاث سنين ، وإحباله امرأة ، وكلام الأبله الغبي في دقائق المنطق ، وصوغه الشعر العجيب ، وما أشبه هذا. فهذه المعاني موجودة في العالم ممن هي ممكنة منه ، ممتنعة من غيرهم.
__________________
(١) كانت في الأصل : «فلم» ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(٢) كانت في الأصل : «فلم» ولعلّ الصواب ما أثبتناه.