اشارة منا إلى أحكام مخصوصة لا الى صفات العبادات ، فإنها تشير الى هذه الاحكام التي ذكرناها ، لأنك لو استفسرته على مراده لما فسر الا بذكر هذه الاحكام.
والذي يبين ما ذكرناه أن النية لو أثرت في العبادات صفة مقتضاها غيرها ، لوجب أن يؤثر ذلك قبل العبادة بهذه الشرعيات ، لأن المؤثر في نفسه لا يتغير تأثيره. وقد علمنا أن مصاحبة هذه النية للعبادة قبل الشرعيات لا حكم لها ، فلا تأثير ، فصح ما نبهنا عليه.
وإذا صحت هذه الجملة التي عقدناها ، زال التعجب من نقل النية عن أداء الصلاة الى غير وقتها الى قضاء الفائتة ، لأن ما صلاه بنية الأداء على صفة لا يجوز انقلابه عنها ..
وانما قيل له : إذا دخلت من صلاة (١) حضر وقتها ، فانو أداءها واستمر على ذلك الى آخرها ، ما لم تذكر أن عليك فائتة ، فان ذكرت فائتة فانقل نيتك الى قضاء الفائتة ، إذا كان في بقية من صلاته يمكنه الاستدراك ، لأن الصلاة انما يثبت حكمها بالفراغ من جميعها ، لان بعضها معقود ببعض ، فهو إذا نقل نيته الى قضاء الفائتة صارت الصلاة كلها قضاء للفائتة لا أداء الحاضرة ، لأن هذه أحكام شرعية يجب إثباتها بحسب أدلة الشرع.
وإذا كان ما رتبناه هو المشروع الذي أجمعت الفرقة المحقة عليه ، وجب العمل واطراح ما سواه.
وغير مسلم ما مضى في أثناء الكلام من حصول الاتفاق على وجوب المضي في الصلاة بعد الدخول فيها بالنية ، لأنا نقسم ذلك على ما فصلناه ، ولا يوجب المضي في الصلاة على كل حال.
وغير مسلم أيضا أن الركعتين اللتين دخل فيهما ونوى الظهر ، ثم نقل نيته
__________________
(١) ظ : في صلاة.