دليلا في نفسها مؤثرة لما يرجع إليها ، وانما المؤثر عندكم العدد ، وانما طابق العدد للرؤية على سبيل الاتفاق.
فأما قولك في أثناء كلامك : «ان عرض لهم الإغماء» فمصدر غمي (١) على المريض إغماء ، وليس بمصدر لقولهم «غم الهلال» إذا خفي واستتر ، وانما مصدره غم غما ، وهذا وان كان خارجا عما نحن فيه ، فلا بد من بيان القول فيه من الخطأ.
[مناقشة القائلين بالعدد في استدلال الرؤية والجواب عنها]
ثم قال صاحب الكتاب : وجه آخر : وهو ان من أصحابنا من يستدل برؤية الهلال في كل شهر ، فيقول : ان اليوم الذي يظهر في آخره هو أول المستهل بموافقته للعدد ، فمتى رئي الاختلاف عاد الى العدد الذي هو الأصل.
ومنهم من يستدل بالرؤية من وجه آخر ، وهو أن يرقب ظهور الهلال له في المشرق وقبل طلوع الشمس ، يفعل ذلك يوما بعد يوم من آخر الشهر الى أن يخفى عنه آخره من الشمس ، فلا يظهر حينئذ أنه آخر يوم في الشهر الماضي وهو يوم السرار ، واليوم الذي يليه أول المستهل ، فليستدل بذلك ، ما لم يخالف العدد ، فإذا خالفه أو أعرض له (٢) لبس عاد مستمسكا بالأصل ، وهذه فصول مستمرة والحمد لله.
يقال له : أما ما قدمته في هذا الفصل فهو غلط فاحش ، لأنك ادعيت أن اليوم الذي يظهر في آخره الهلال هو أول يوم المستهل ، ثم قلت بشرط موافقته للعدد ، فان وقع اختلاف وجب الرجوع الى العدد.
__________________
(١) ظ : أغمي.
(٢) ظ : عرضه.