آبائه عليهمالسلام لو لا قلة التأمل.
فإن قيل :
فأي فرق بين وجوه غائبا لا يصل إليه أحد ولا ينتفع به بشر ، وبين عدمه؟ وإلا جاز إعدامه إلى حين علم الله سبحانه بتمكين الرعية له كما جاز أن يبيحه الاستتار حتى يعلم منه التمكين له فيظهر؟.
قيل له :
أولا نحن نجوز أن يصل اليه كثير من أوليائه والقائلين بإمامته فينتفعون به ومن لا يصل اليه منهم ولا يلقاه من شيعته ومعتقدي إمامته ، فهم ينتفعون به في حال الغيبة النفع الذي نقول انه لا بد في التكليف منه ، لأنهم مع علمهم بوجوده بينهم ، وقطعهم على وجوب طاعته عليهم ولزومها لهم ، لا بد من أن يخافوه ويهابوه في في ارتكاب القبائح ، ويخشوا تأديبه ومؤاخذته ، فيقل منهم فعل القبيح ويكثر فعل الحسن ، أو يكون ذلك أقرب.
وهذه جهة الحاجة العقلية الى الامام ، فهو وان لم يظهر لأعدائه لخوفه منهم ، وسدهم على أنفسهم طرق الانتفاع به ، فقد بينا في هذا الكلام الانتفاع به لأوليائه على الوجهين المذكورين.
على أنا نقول : الفرق بين وجود الامام من أجل الخوف من أعدائه ، وهو يتوقع في هذه الحالة إن يمكنوه فيظهر ويقوم بما فوض الله اليه ، وبين عدمه جلي واضح. لأنه إذا كان معدوما ، كان [ما] يفوت العباد من مصالحهم ويعدمونه من مراشدهم ويحرمونه من لطفهم منسوبا الى الله سبحانه ، لا حجة فيه على العباد ولا لوم.