استيعاب الجميع يطول :
فمما يجري هذا المجرى قوله تعالى (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها)(١) ولم يرد أن لها عمدا لا ترونها (٢) بل أراد نفي العمد على كل حال.
وقال تعالى (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ)(٣) ، ولم يرد أن لأحد برهانا في دعاء مع الله تعالى ، بل أراد أن من فعل ذلك فقد فعل مالا برهان عليه.
وقوله تعالى (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ)(٤) ولم يرد تعالى أن فيمن يقتل من الأنبياء من يقتل بحق ، بل المعنى ما ذكرناه وبيناه.
ومثله قوله (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً)(٥) ، ولم يرد النهي عن الثمن القليل دون الكثير ، بل نهى تعالى عن أخذ جميع الأثمان عنها والابدال ، ووصف ما يؤخذ عنها بالقلة.
وقال سويد بن أبي كاهل (٦) :
من أناس ليس في أخلاقهم |
|
عاجل الفحش ولا سوء الجزع (٧) |
__________________
(١) سورة الرعد : ٢.
(٢) في الأصل : لا تروه.
(٣) سورة المؤمنون : ١١٧.
(٤) سورة النساء : ١٥٥.
(٥) سورة البقرة : ٤١.
(٦) سويد بن أبي كاهل (واسمه غطيف أو شبيب) بن حارثة بن حسل الذبياني الكناني اليشكري ، أبو سعد شاعر من مخضرمى الجاهلية والإسلام ، توفي سنة ستين هجرية (الاعلام للزركلى : ٣ / ٢١٥).
(٧) من قصيدة في المفضليات ص ١٩١ ٢٠٢.