الموالاة على هذا الوجه أوجب الترتيب ، لان مالكا وان أوجب الموالاة فإنه يوجبها على من أداه اجتهاده إليها ، ويسقطها عمن أداه الاجتهاد الى خلافها ، وليس يوجبها على كل حال إلا الإمامية.
وليس يجوز لك أن تبني الموالاة على الترتيب في الاستدلال ، كما بنيت الترتيب على الموالاة ، وذلك أن معنى ظاهر الكتاب يدل على وجوب الموالاة ، وهو آية (١) الطهارة ، لأنه أمر فيها بغسل هذه الأعضاء ، والأمر بالعرف الشرعي يدل على الفور.
فالاية تقتضي غسل كل عضو عقيب الذي قبله ، وليس معنى في وجوب الترتيب مثل ذلك ، فإن آية الطهارة لا يوجب بظاهرها الترتيب ، والواو غير موجبة له لغة ، وانما نقول في إيجاب الواو للترتيب في الشرع في أخبار آحاد ، وليست عندنا حجة في مثل ذلك، فبان الفرق بين الأمرين.
وليس كذلك (٢) أن تبنى مسألة على أخرى ، وما دل على ما جعلته أصلا يدل على الفرع ويتناله ، فان ذلك لا يصح ، لان العلم بحكم المسألتين يحصل في حالة واحدة ، فكيف تبنى واحدة على الأخرى.
وانما يصح ن تبنى مسألة على أخرى فيما ينفرد العلم بالأصل عن العلم بالفرع.
مثال ذلك : لا يجوز أن تبنى القول بأن المذي لا ينقض الطهر على أن الرعاف أو القيء لا ينقضه ، لأنا إنما ندل على أن الرعاف أو القيء لا ينقض الطهارة ، بأن نقض الطهارة حكم شرعي لا يقتضيه أصل العقل.
__________________
(١) قوله تعالى (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) سورة المائدة : ٦.
(٢) ظ : لك.