قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل في الملل والأهواء والنّحل [ ج ١ ]

الفصل في الملل والأهواء والنّحل

الفصل في الملل والأهواء والنّحل [ ج ١ ]

تحمیل

الفصل في الملل والأهواء والنّحل [ ج ١ ]

40/430
*

الفلك ليس هو في ذلك الخلاء ، وهذا ينطوي فيه بالضرورة نهاية الخلاء الذي ذكرتم فهو متناه لا متناه ، وهذا تناقض وتخليط.

وإذا بطل أن يكون غير متناه ، وثبت أنه متناه ، فهو المكان المعروف المعهود المضاف إلى المتمكن فيه ، وهذا هو المكان الذي لا يعرف ذو عقل سواه.

وإن كان الفلك حدث فيه والفلك ملاء بلا شك ، ولم ينتقل الخلاء عندكم ولا بطل ، فالفلك إذا خلاء وملاء معا في مكان واحد. وهذا محال وتخليط.

فإن قالوا : بطل بحدوث الفلك ما كان منه في موضع الفلك قبل حدوث الفلك ، أو قالوا : انتقل. فقد أوجبوا له النهاية ضرورة. إمّا من طريق الوجود بالبطلان ، إذ لا يفسد ويبطل إلّا ما كان حادثا لا ما لم يزل. وإمّا من طريق المساحة بالنقلة ، إذ لو لم يجد أين ينتقل لم تكن له نقلة ، إذ معنى النقلة إنما هو تصيير الجرم إلى مكان لم يكن فيه قبل ذلك ، أو إلى صفة لم يكن عليها قبل ذلك.

ووجوده مكانا ينتقل إليه موجب أنه لم يكن في ذلك المكان الذي انتقل إليه قبل انتقاله إليه وهذا هو إثبات النهاية ضرورة فهذا هو الذي أبطلوا.

ويلزمهم في ذلك أيضا أن يكون متحيزا (١) ضرورة لأن الذي بطل منه هو غير الذي لم يبطل ، والذي انتقل هو غير الذي لم ينتقل.

وهو إذا كان كذلك ، فإمّا هو جسم ذو أجزاء ، وإمّا هو محمول في جسم فهو ينقسم بانقسام الجسم.

وقد أثبتنا النهاية للجسم في غير هذا المكان من كتابنا هذا بما فيه البيان الضروري ، والحمد لله رب العالمين.

وأيضا ، فإن كان لم يبطل : فالذي كان منه في موضع الفلك ثم لم يبطل ، ولا انتقل لحدوث الفلك فيه ، فهو والفلك إذا موجودان في حيز واحد معا ، فهو إذا ليس مكانا للفلك لأن المكان لا يكون مع المتمكن فيه في مكان واحد ، وهذا يعرف بأولية العقل. ولو كان ذلك لكان المكان مكانا لنفسه ، ولما كان واحدا منهما أولى بأن يكون مكانا للآخر من الآخر بذلك. ولا كان أحدهما أولى أيضا بأن يكون متمكنا في

__________________

(١) أي في حيّز ، أي جهة.