وفي الباب السابع منه : أقبلت إليه أمه وإخوته.
وفي الباب الثاني من إنجيل يوحنا : وبعد هذا نزل إلى كفر ناحوم ، ومعه أمه وإخوته وتلاميذه.
وفي الباب السابع من إنجيل يوحنا : وكان إخوته لا يؤمنون به.
قال أبو محمد : في هذه الفصول ثلاث طوام نذكرها طامة طامة (١) إن شاء الله تعالى.
أولها : اتفاق الأناجيل الأربعة على أنه كان له والد معروف من الناس ، وإخوة وأخوات سمّى الإخوة بأسمائهم ، وهم أربعة رجال سوى الأخوات ، ولا نقول في ذلك إلّا على إقرار منهم : بأن له والدا طلبه معها ، وهو يوسف الحدّاد أو النجار ، فأمّا أمّه فقد اتفقنا نحن واليهود ، وجمهور النصارى على أنها حملت به حمل النساء ، وولدته كما تلد النساء أولادهنّ ، إلّا طائفة من النصارى قالت : لم تحمل به ، لكن دخل من أذنها وخرج من فرجها في الوقت كالماء في الميزاب ، ولكن بقي علينا أن نعرف : كيف تقول أمّه عليهاالسلام عن النجار أو الحدّاد إنّه أبوه ووالده؟ فإن قالوا : إنّ زوج الأم يسمّى في اللغة أبا قلنا : هبكم أن هذا كذلك؟! كيف العمل في هؤلاء الذين اتفقت عليهم الأناجيل على أنهم إخوته وأخواته ، وإنّما هم أولاد يوسف النجّار أو الحدّاد ..؟ وما وجد في اللغة العبرانية أنّ الربيب من غير الأم يسمّى أخا ، إلّا أن يقولوا : إنّ مريم ولدته من النجّار ، فقد قال هذا طائفة من قدمائهم منهم : «بيار» مطران «طليطلة» (٢) ، ونحن نبرأ إلى الله تعالى مما يقول هؤلاء الكفرة أن يكون لإله معبود أمّ أو خال أو خالة ، أو ابن خالة أو ربيب ، أو أخت ، أو أخ ، وتبّا لعقول يدخل هذا فيها من أن لله تعالى ربيبا هو زوج أمه.
وليس يمكنهم أن يقولوا : إنّما أراد كتّاب الأناجيل أنّهم إخوته في الإيمان والدّين ، لأن «يوحنا» قد رفع الإشكال في ذلك وقال : «معه إخوته وتلاميذه» فجعلهم طبقتين.
وقال أيضا : إن إخوته كانوا لا يؤمنون به. وتالله لو لا أننا شاهدنا النّصارى ما
__________________
(١) الطامّة : الداهية تفوق ما سواها (المعجم الوسيط : ص ٥٦٦).
(٢) طليطلة : مدينة كبيرة بالأندلس يتصل عملها بعمل وادي الحجارة ، وكانت قاعدة ملوك القرطبيين وموضع قرارهم ، وهي على شاطئ نهر تاجه (مراصد الاطلاع : ص ٨٩٢).