باطل ، فقد تناقضوا. وما ندري كيف يستحلّ مسلم إنكار تحريف التوراة والإنجيل ، وهو يسمع كلام الله عزوجل (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) [سورة الفتح : ٢٩].
وليس شيء من هذا فيما بأيدي اليهود والنصارى مما يدعون أنه التوراة والإنجيل ، فلا بدّ لهؤلاء الجهال من تصديق ربهم عزوجل أن اليهود والنصارى بدّلوا التوراة والإنجيل ، وألا يرجعوا إلى الحمق ويكذبوا ربهم عزوجل ويصدقوا اليهود والنصارى فيلحقوا بهم ، ويكون السؤال عليهم كلهم حينئذ واحدا فيما أوضحناه من تبديل الكتابين وما أوردناه مما فيهما من الكذب المشاهد عيانا مما لم يأت نص بأنهم بدّلوهما لعلمنا بتبديلهما يقينا ، كما نعلم ما نشهده بحواسنا مما لا نصّ فيه فكيف قد اجتمعت المشاهدة والنص؟!
حدثنا أبو سعيد الجعفري ، حدثنا أبو بكر الأدفوى محمد بن علي المصري ، حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس ، حدثنا أحمد بن شعيب عن محمد بن المثنى عن عثمان بن عمر ، حدثنا علي هو ابن المبارك ، حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام بالعربية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم ، وإلهنا وإلهكم واحد» (١).
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : وهذا نص قولنا ، والحمد لله رب العالمين.
ما نزل القرآن والسنة عن النبي صلىاللهعليهوسلم بتصديقه صدّقنا به ، وما نزل النص بتكذيبه أو ظهر كذبه كذّبنا به ، وما لم ينزل نص بتصديقه أو تكذيبه وأمكن أن يكون حقا أو كذبا لم نصدقهم ولم نكذبهم ، وقلنا ما أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن نقوله كما قلنا في نبوّة من لم يأتنا باسمه نصّ ، والحمد لله رب العالمين.
حدّثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن خالد ، حدثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ، حدثنا
__________________
(١) أخرجه البخاري في الشهادات باب ٢٩ ، وتفسير سورة البقرة باب ١١ ، والاعتصام بالكتاب والسنة باب ٢٥ ، والتوحيد باب ٥١. وأبو داود في العلم باب ٢.