وضعه عندها. فسأل عنها إذ لم يجدها من سكان ذلك الموضع. فقال : أين المرأة القاعدة في مجمع الطرق؟ فقالوا له : لم تكن في هذا الموضع زانية ، فانصرف إلى «يهوذا» فقال له : لم أجدها. وقال لي سكان ذلك الموضع لم تكن هاهنا زانية. فقال له «يهوذا» تأخذ ما عندها مخافة أن تكون ضحكة فإني قد أرسلت الجدي إليها ، وأنت تقول لم أجدها.
وبعد ثلاثة أشهر قبل ليهوذا : إنّ كنّتك «ثامار» قد زنت ، وقد بدأ بطنها يظهر. فقال «يهوذا» أخرجوها لتحرق ، فلمّا أخرجت بعثت إلى «يهوذا» إنما حبلت من الذي له هذا فاعرف هذا الخاتم والزنار والعصا. فلما عرف قال : هي أعدل مني إذ منعتها «شيلة» ولدي. ولم يضاجعها بعد ذلك.
فلما أدركتها الولادة ظهر فيها توأمان ، ففي وقت خروجهما بدر أحدهما وأخرج يده ، فربطت القابلة في يده خيطا أرجوانا ، وقالت : هذا يخرج أولا. فأدخل يده إلى نفسه وأخرج الولد الآخر. فقالت له القابلة : لم افترصت (١) أخاك؟ فسمي «فارصا» وبعده خرج الذي ربط في يده الخيط الأرجوان. وسمي «زارح». تم الفصل.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ثم بعد فصول وقصص ذكر أولاد يعقوب المولودين بالشام الذين دخلوا معه مصر إذ بعث يوسف عليهالسلام فيهم كلهم. فذكر «يهوذا» وبنيه الثلاثة الأحياء «شيلة» و «فارص» و «زارح». وذكر لفارص هذا نفسه اثنين ، وهما «حصرون» و «حامول» ابنا «فارص» بن «يهوذا» المذكور.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : ففي هذا الكلام عار وفضيحة مكذوبة وكذب فاحش مفرط القبح ، فأمّا العار فالذي ذكر عن «يهوذا» من طلبه الزنى بامرأة لقيها في الطريق على أن يعطيها جديا ، ثم جوره في الحكم عليها بالحرق ، فلما علم أنه صاحب الخصلة أسقط الحكم عن نفسه وعنها.
ثم شنعة أخرى وهي قوله : إن «ونان» بن «يهوذا» لما عرف أنه لا ينسب إليه من يولد له من امرأته التي تزوجها بعد موت أخيه جعل يعزل عنها. وهذا عجب جدّا أن تلد امرأة رجل من زوجها من لا ينسب إليه لكن إلى غيره ممن قد مات قبل أن يتزوجها هذا. فلعل فيهم الآن ولادات وأنساب في كتبهم مثل هذه.
__________________
(١) افترص الفرصة : اغتنمها (المعجم الوسيط : ص ٦٨٢).