جيد ، وبها اللّؤلؤ وحجارة البلور. واسم الثاني «جيحان» (١) وهو محيط بجميع بلاد الحبشة. واسم الثالث الدّجلة ، وهو السائر شرق «الموصل». واسم الرابع الفرات «وأخذ الله آدم ووضعه في جنّات عدن».
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : في هذا الكلام من الكذب وجوه فاحشة قاطعة بأنها من توليد كذاب مستهزئ.
أول ذلك : إخباره أن هذه الأربعة تفترق من النهر الذي يخرج من جنات عدن التي أسكن الله فيها آدم ، إذ خلقه ثم أخرجه منها إذ أكل من الشجرة التي نهاه الله تعالى عن أكلها ، وكل من له أدنى معرفة بالهيئة وبصفة الرّبع المعمور من الأرض الذي هو في شمال الأرض أو من مشى إلى مصر والشام والموصل ـ يدري أن هذا كلّه كذب فاضح ، وأن مخرج النيل من عين الجنوب من خارج المعمور ، ومصبه قبالة «تنيس» (٢) ، وقبالة الإسكندرية في آخر أعمال مصر في البحر الشامي. وأن مخرج الدجلة والفرات وجيحان من الشمال.
فأما «جيحان» فيخرج من بلاد الروم ، ويمر ما بين «المصيصة» (٣) وربضها (٤) المسمى «كفربيّا» (٥) حتى يصب في البحر الشامي على أربعة أميال من «المصيصة».
وأما «دجلة» فمخرجها من أعين بقرب «خلاط» (٦) من عمل «أرمينية» (٧) بقرب
__________________
(بضم الزاي) : محلّة بالقاهرة ، وهي بالتصغير ، ينسب إليها أحد أبواب القاهرة. انظر مراصد الاطلاع (ص ٦٧٧).
(١) جيحان : نهر بالمصيصة بالثغر الشامي ومخرجه من بلاد الروم ، ويمر حتى يصب بمدينة تعرف بكفربيّا بإزاء المصيصة ، وعليه عند المصيصة قنطرة من حجارة رومية قديمة عريضة. ويمتد هذا النهر أربعة أميال ثم يصبّ في بحر الشام (معجم البلدان : ٢ / ١٩٦).
(٢) تنيس : جزيرة في بحر مصر قريبة من البر ما بين الفرما ودمياط (معجم البلدان : ٢ / ٥٢).
(٣) المصيصة : مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب طرسوس (معجم البلدان : ٥ / ١٤٤).
(٤) الرّبض : ما حول المدينة (المعجم الوسيط : ص ٣٢٣).
(٥) كفربيّا : مدينة بإزاء المصيصة على شاطئ جيحان (معجم البلدان : ٤ / ٤٦٨).
(٦) خلاط : بلدة عامرة مشهورة كثيرة الخيرات ، وهي قصبة أرمينية الوسطى (مراصد الاطلاع : ص ٤٧٦ ، ومعجم البلدان : ٢ / ٣٨١).
(٧) أرمينية (بفتح أوله ويكسر) : اسم لصقع واسع عظيم في جهة الشمال. وحدّها من برذعة إلى باب الأبواب ، ومن الجهة الأخرى إلى بلاد الروم وجبل القبق. وهي صغرى وكبرى ، فالصغرى