أقول : الكلام في وصفه سبحانه بفعل يصلح ان يصدر عنه بلا توسّط شيء ، ومن الواضح أنّ العقل دلّ على امتناع وصفه سبحانه بهذا الملاك ، فإنّ الكلام أمر حادث متدرّج متصرّم ، والتصرّم والتجدّد نفس ذاته ، وجلّ جنابه أن يكون مصدرا لهذا النوع من الحدث بلا واسطة ، لأنّ سبب الحادث حادث كما برهن عليه في الفن الأعلى في مسألة ربط الحادث بالقديم ، فكيف تكون ذاته القديمة البسيطة الثابتة مبدأ لموجود حادث متصرّم متجدّد؟!
وبذلك يظهر أنّه لا يصح وصفه بالتكلم بهذا الملاك ، لأنّ الكلام في وصفه سبحانه بما يصحّ صدوره عنه بلا توسيط ، والمتجدّد بما هو متجدّد لا يصحّ صدوره عنه بلا واسطة.
نعم يمكن إيجاد الكلام المتصرّم في الشجر والحجر والنفس النبويّة لكنّه بحاجة إلى توسّط شيء آخر كما هو الحال في صدور كافة الموجودات الطبيعية التي جوهرها التصرّم والتجدّد. (١)
__________________
(١). يلاحظ عليه : أنّه لو تمّ ما ذكره (دام ظله) يلزم عدم صحة وصفه بالخالق والمبدع والمحيي والرزّاق والرحيم والغافر مع أنّها من أسمائه سبحانه وصفاته في الذكر الحكيم والأحاديث والأدعية ، ويمكن دفع الإشكال بأنّ حمل كل صفة منتزعة من فعله عليه سبحانه لأجل خصوصية موجودة في ذاته التي تصحّح صدور هذه (الأفعال عنها ، فالفاعل باشتماله على تلك الخصوصية يصحّ حمل كل ما يصدر عنه ، عليه ووصفه بها سواء كان الصدور بلا واسطة كالعقول ، أو مع الواسطة كخلق السموات والأرض وإبداعها وإنشائها.
ومن هذا القبيل إيجاده الكلام في الجبل والشجر والنفس النبويّة.