ومنها : أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في شدّة الخوف من المنافقين والمداراة معهم وتأليف قلوبهم ، حتّى أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أخفى أمر تبليغ الولاية يوم الغدير حتّى وعده الله الحفظ في حجة الوداع ، فلو كان اسم عليّ ـ عليهالسلام ـ بالولاية مذكورا في السور المتقدمة صريحا لما كان لخوفه وإخفاءه وجه.
ومنها : ورود الروايات أنّه كانت إذا نزلت آية أمر النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بوضعها في أيّ موضع من القرآن. (١)
__________________
ـ ختمه ؛ لعدم صدق القرآن على المحرّف الباطل. وقول المحدّث النوري ـ بعد نقل ذلك الدليل عن الصدوق (ره) ـ بأن بناءهم ـ عليهمالسلام ـ على إمضاء الموجود وتبعية غيرهم فيه اعتراف ببطلان أخبار التحريف ، إذ كيف يجمع الإمضاء مع أخبار مدلولها عدم الامضاء ، فهل هذا إلّا التناقض؟ وقوله أيضا بأن المراد من القرآن في تلك الروايات الدائر بين الناس للانصراف ، قول سخيف ، إذ لنا أن نقول إنّ الدائر هو الحقيقي الواقعي قطعا وحمله على المحرّف يتوقف على صحّة مدعاه (وهو التحريف) فما قوله إلّا مصادرة للمطلوب.
(١). فمنها ما ورد في مسند أحمد (ج ٤ ، ص ٢١٨) عن عثمان بن أبي العاص حيث يقول : «كنت جالسا عند رسول الله (ص) إذ شخص ببصره ثمّ صوّبه ثمّ قال : أتاني جبريل (ع) فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة».
ومنها ما روي في مناهل العرفان (ج ١ ، ص ٢٤٠) عن ابن عباس أنّه قال : «كان رسول الله (ص) إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب فقال : ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا».
وتقريب الاستدلال أنّ تلك الروايات بضميمة روايات أخر سنذكرها ، تدل على كتابة القرآن وجمعه وتواتره في زمان النبي (ص) ، وتصور انقطاع التواتر وهدم ما كتب في عهد النبي مع شدة اهتمام الصحابة بحفظه تصور غير معقول ، فالقائل بالتحريف لا بد له أن يثبت خلاف ذلك ، وأنّ الجامع هو الخلفاء كما سعى النوري في ذلك وتمسك