[دلائل مدعي التحريف والجواب عنها]
ولهم أدلّة أخرى أعرضنا عن ذكرها لوضوح بطلانها كالتمسك بأنّه ما وقع في الأمم السالفة لا بد أن يقع في هذه الأمّة ، والمعلوم أنّه وقع التحريف في التوراة والانجيل ولا بد أن يقع في كتابنا. (١)
وفيه المنع صغرويا وكبرويا. (٢)
__________________
(١). الدليل مركب من مقدمتين : الأول أنّ كلما وقع في الامم السالفة يقع في هذه الامّة. وقد أخذ النوري تلك المقدمة من بعض الروايات ، نقلها من طريقي الشيعة وأهل السنة ، فمنها ما رواه الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة (ص ٥٧٦ ، الباب ٥٤) عن غياث بن ابراهيم ، عن الصادق (ع) ، عن آبائه (ع) قال : قال رسول الله (ص) : «كلّ ما كان في الأمم السالفة فإنّه يكون في هذه الأمّة مثله ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة».
والمقدمة الثانية : وقوع التحريف في التوراة والانجيل فقال النوري في فصل الخطاب (ص ٣٥) : «وقوع التغيير والتحريف في الكتابين وأنّ الموجود بأيدي اليهود والنصارى غير مطابق لما نزل على موسى وعيسى ـ على نبيّنا وآله وعليهماالسلام ـ بمكان من الوضوح ؛ بل هو مقطوع به بعد ملاحظة الآيات الكثيرة والأخبار المتواترة وإجماع المسلمين. بل ملاحظتهما في أنفسهما كافية في إثبات المطلب ومغن عن الاستدلال عليه بها وقد تعرض جماعة لذكر الشواهد الداخلية فيهما الدالة على المغايرة بينهما وبين ما نزل عليهما ـ عليهماالسلام ـ ونحن نشير إلى بعضها ...».
ثمّ برهن المحدث النوري (إلى ص ٥٣) على وقوع التحريف في التوراة والإنجيل.
(٢). أمّا منع الصغرى وهي وقوع التحريف في التوراة والإنجيل فلأنّ ما نطق به القرآن وشهدت به الأخبار هو التحريف المعنوي لا اللفظي بتبديل النصّ أو الزيادة أو النقص ؛ إذ تأريخ العهدين يشهد بضياع نسخهما الأصلية قبل مجيء الإسلام بقرون وأنّ الموجود منهما تراجم ناقصة والتحريف اللفظي وقع في هذه التراجم. وقد ذكر الاستاذ في صيانة القرآن من التحريف (ص ١٣٣ ـ ١٥٠) فهرسا موجزا عن تأريخ الكتابين وقصة حياتهما فلاحظ تفصيل ذلك فيها.