«حسبنا كتاب الله» الظاهر أنّه كان هناك كتاب مدوّن عند الناس وبأيديهم. (١)
ومنها : بعد اشتمال الكتاب المنزل على أسماء الطواغيت وسبابهم والوقيعة في حقهم في زمانه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ مع ما يعلم من شدة مداراته ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ معهم. (٢)
ومنها : أنّ الكفار من شدة إعجابهم بآيات القرآن كانوا يحفظونها
__________________
(١). لعدم صحّة إطلاق الكتاب على ما كان في الصدور ؛ بل ولا على المكتوب إذا كان منتشرا غير مجتمع. والقائل بالتحريف لا بد له أن يدعى وقوعه من الخلفاء ، ولا يتمّ ذلك إلّا بإنكار جمع القرآن في عهد النبي (ص) وانقطاع تواتر القرآن ، فالجامع وهو المحرّف إمّا أن يكون الشيخين أو عثمان أو كلّهم ، بمعنى أنّ الثالث أسقط من القرآن ما كان عليهم ولم يوفّق سابقيه على حذفه ، فأسقطه تكميلا لعملهما ، وأمّا دعوى وقوع التحريف منهم من دون التعمّد فباطل قطعا لأنّه يستلزم احتمال عدم وصول القرآن إليهم بتمامه ولو بنقل بعض الحفّاظ من صدورهم وهذا لا يظنّه ذو فهم ويدلّ على بطلانه كثير من الروايات والشواهد التأريخية. وبالخلاصة إذا ثبت جمع القرآن في زمان النبي (ص) وعدم انقطاع تواتره لم يبق مجال كثير لمدّعي التحريف ، وسنذكر تفصيل المطلب حين يذكر المؤلف ـ قدسسره ـ بأن الحقّ كون القرآن مجموعا في زمان النبي (ص) ، فانتظر.
(٢). ردّ على قسم من روايات التحريف ، مدلولها حذف فضائح القوم وقد نقلنا عدّة منها ، ومنها أيضا ما في الكافي (ج ٢ ، ص ٦٣١) مرسلا عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال : دفع إليّ أبو الحسن (ع) مصحفا وقال : «لا تنظر فيه. ففتحته وقرأت فيه : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) فوجدت فيها اسم سبعين رجلا من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم ، قال : فبعث إليّ : ابعث إليّ بالمصحف».
فذكر المؤلف ـ قدسسره ـ في ردّ تلك الروايات ما عرفته وبمثلها قال شيخ الفقهاء ، الشيخ جعفر في كشف الغطاء (ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩) ـ في ضمن ردّ أخبار النقيصة ـ ما نصّه : «ثمّ كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه. وخصوصا ما ورد أنّه صرّح فيه بأسماء كثير من المنافقين في بعض السور ومنهم فلان وفلان ، وكيف يمكن ذلك وكان من حكم النبي (ص) الستر على المنافقين ومعاملتهم بمعاملة أهل الدين ...».