المساوي يمتنع وقوعه لا بسبب فالمرجوح أولى ، أو بسبب وهو محال أيضا ، لأنّ ذلك الراجح حينئذ يتوقّف على عدم ذلك
السبب فلا تكون الأولويّة كافية ، ومع الثاني أن لا يمكن وقوع غير الأولى لا يكون الممكن ممكنا بل إمّا
واجبا أو ممتنعا ، وليس كلامنا فيهما.
الثالث : أنّ الإمكان إنّما يعرض لماهية من حيث هي هي لا باعتبار وجودها ولا باعتبار
عدمها ولا باعتبار وجود علّتها ولا باعتبار عدمها ، لأنّ مع اعتبار الماهية مع أحد
هذه الأمور تكون واجبة ، أعني حال اعتبار وجودها أو وجود علّتها أو ممتنعة ، أعني
حال اعتبار عدمها أو عدم علّتها ، ومع هذين الاعتبارين لا إمكان.
الرابع : أنّ الممكن محفوف بوجوبين : سابق ولاحق.
أمّا السابق فلأنّ
الممكن ما لم يتعيّن صدوره عن مؤثّره لم يوجد ، إذ فرض إمكانه حينئذ لا يحصل
المقابل ، وقد بيّنا أنّ الأولويّة ليست كافية فلا بدّ من الانتهاء إلى الوجوب ،
أي التعيّن المشار إليه.
وامّا اللاحق
فلأنّه حال وجوده لا يقبل العدم وإلّا لزم الجمع بين النقيضين ، فإنّا إذا حكمنا
بوجود المشي للإنسان اقتضى ذلك أن يكون واجبا له ما دام المشي موجودا له وهذا
الوجوب يسمّى ضرورة بحسب المحمول.
الخامس : أنّه يحتاج إلى المؤثّر ، وهو حكم ضروري ، فإنّ كلّ من تصوّر تساوي طرفي الممكن جزم بالضرورة
أنّ أحدهما لا يترجّح من حيث هو مساو ، بل من حيث وجود المرجّح ، وضرورية هذا ممّا
لا يشكّ فيها.
وقيل : هو حكم
استدلالي وإلّا لعلمناه كعلمنا بأنّ الواحد نصف الاثنين ، وهو باطل.
__________________