خلاف ما أمر الله به ورسوله صلىاللهعليهوآله فهو في حيز الذم والإنكار ، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه ، وحثّ عليه الله أو رسوله فهو في حيّز المدح. وما لم يكن له مثال موجود ، كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف ، فهو من الأفعال المحمودة ، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد جعل له في ذلك ثواباً فقال : «من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها» وقال في ضدّه : «ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها» وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلىاللهعليهوآله.
ومن هذا النوع قول عمر رضى الله عنه : «نعمت البدعة هذه (التراويح) لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح» سمّاها بدعة ومدحها ، إلّا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يسنّها لهم وإنّما صلّاها ليالي ثمّ تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر ، وإنّما عمر رضى الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سمّاها بدعة ، وهي على الحقيقة سنّة ، لقولهصلىاللهعليهوآله : «عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي» وقوله: «اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر وعمر» وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر : «كل محدثة بدعة» إنّما يريد ما خالف أُصول الشريعة ولم يوافق السنّة. وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفاً في الذم» (١).
هذه كلمات أعلام السنّة وإليك ما ذكره أصحابنا في الموضوع مقتصراً على نماذج منها :
٧ ـ قال السيد المرتضى : «البدعة : الزيادة في الدين أو نقصان منه من إسناد إلى الدين» (٢).
__________________
(١) النهاية ١ : ٧٩ وكلامه صريح في أنّ النبيّ لم يصلّها جماعة إلّا ليال وتركها ، وإن أقامتها جماعة كانت من سنّة عمر ، إذ للخليفتين ـ حسب الرواية ـ حقّ التسنين الذي يعبّر عنه بسنّة الصحابي.
(٢) الشريف المرتضى ، الرسائل ٢ : ٢٦٤.