وتأريخها. فهذه الآيات التي قصصتها وجئتكم بها وإن كانت كلّها بصائر وهدى ورحمة لقوم يؤمنون لا أرى مانعاً من ذكر ما عداها ، ففيها تنبيه الغافلين إلى مزيد من النظر فيما عساه أن يقنعهم ويهديهم إلى الإيمان بما جاءت به الآيات البيّنات ، وما يوحي به الدين وتعاليمه القويمة ، فمن روائع ما يتمتع به من العظمة الصلاة عليه صلىاللهعليهوآله عند بدء الدعاء وختمه ؛ فانّ في ذلك القبول والاستجابة ، فقد صحّ عن عمر وعليّ ـ رضي الله عنهما ـ أنّهما قالا لرجل دعا ولم يصلِّ على النبي صلىاللهعليهوآله : «إنّ الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يرفع ولا تفتح له الأبواب حتى يصلّي الداعي على النبي صلىاللهعليهوآله» ، ومثل هذا لا يقال من قبيل الرأي فهو في حكم المرفوع ، بل قد ثبت هذا مرفوعاً إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وأخيراً قد دلّ قوله تعالى : (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (١) على علوّ مكانته وجليل قدره وعظم شأنه ؛ إذ المعنى في ذلك أنّنا قرنّا اسمك باسمنا ، وجعلنا الإيمان لا يتحقّق إلّا بالنطق بالشهادتين ، وغير ذلك من براهين الشريعة وأدلّتها التي لا تحصى ولا يمكن أن تستقصى.
وإليك ما قاله حسان بن ثابت صاحب الرسول وشاعره :
أغرَّ عليه للنبوّة خاتم |
|
من الله من نور يلوح ويشهد |
وضمّ الإله اسم النبيّ إلى اسمه |
|
إذا قال في الخمس المؤذن أشهد |
وشقَّ له من اسمه لِيُجلَّه |
|
فذو العرش محمود وهذا محمد (٢) |
إنّ السبب الواقعي لاستجابة دعائه إنّما هو روحه الطاهرة ونفسه الكريمة
__________________
(١) الانشراح : ٤.
(٢) التوسّل والزيارة ص ١٥٦ ـ ١٦٠ ، وقد أورد في بحثه كثيراً من الآيات التي تشهد على عظمة رسول الله ومكانته وقربه وقد لخّصنا كلامه