الفَرَق ، فساقها ، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ، ففرّج عنّا ، فانساحت عنهم الصخرة.
فقال الآخر : اللهمّ إن كنت تعلم كان لي أبوان شيخان كبيران ، فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي فأبطأتُ عليهما ليلةً ، فجئتُ وقد رقدا ، وأهلي وعيالي يتضاغون من الجوع ، فكنت لا أسقيهم حتى يشرب أبواي ، فكرهت أن أُوقظهما وكرهت أن أدعهما فَيسْتَكنّا لشربتهما ، فلم أزل انتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا ، فانساحت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء.
فقال الآخر : اللهمّ إن كنت تعلم أنّه كان لي ابنة عم من أحبّ الناس إليّ وأنّي راودتها عن نفسها فأبت إلّا أن آتيها بمائة دينار ، فطلبتها حتى قدرتُ ، فأتيتها بها ، فدفعتها إليها ، فأمكنتني من نفسها ، فلمّا قعدت بين رجليها فقالت : اتّق الله ولا تفضّ الخاتم إلّا بحقّه ، فقمت وتركت المائة دينار ، فإن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك من خشيتك ففرّج عنّا ، ففرّج الله عنهم فخرجوا» (١).
لم تكن الغاية من تحديث النبي بما ذكر إلّا تعليم أُمّته حتى يتّخذوا ذكر العمل الصالح وسيلة لاستجابة دعوتهم. ولو كان ذلك من خصائص الأُمم الماضية لصرّح بها. وقد رواه الفريقان باختلاف في اللّفظ.
٣ ـ روى البرقي أحمد بن خالد (ت ٢٧٤ ه) في محاسنه ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر الجعفي ، يرفعه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : «خرج ثلاثة نفر يسيحون في الأرض ، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلّة جبل حتى بدت صخرة من أعلى الجبل حتى التقمت باب الكهف ، فقال بعضهم
__________________
(١) البخاري ، الصحيح ٤ : ١٧٣ ، كتاب الأنبياء ، الباب ٥٣ ؛ ورواه في كتاب البيوع ، الباب ٩٨ ، واللفظ لكتاب الأنبياء.