الخصوص وبمواضع ومناسبات عديدة كثيرة جداً نذكر منها :
عن مصعب الأسلمي قال : انطلق غلام منّا فأتى النبي صلىاللهعليهوآله وقال : إنّي سائلك سؤالاً قال : «وما هو؟» قال : أسألك أن تجعلني ممَّن تشفع له يوم القيامة ، قال : «من أمرك هذا؟» أو «من علّمك هذا؟» أو «من دلّك على هذا؟» قال : ما أمرني به أحد إلّا نفسي ، قال : «فإنّك ممّن أشفع له يوم القيامة». أورده الهيتمي في مجمع الزوائد وقال : رواه الطبراني.
وقد أورد الهيتمي بهذا الموضوع كثيراً من الأحاديث (١). هذا في حياته صلىاللهعليهوآله.
أمّا بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى فهل يصح طلب الشفاعة منه لا سيما أمامَ قبره الشريف وعند السلام عليه؟ بما أنّه ثبت بما لا يقبل الشك أنّ الأموات يسمعون ويتكلّمون ويدعون في عالم البرزخ وبخاصة هو صلىاللهعليهوآله عند ما يُسلَّم عليه تردّ إليه روحه الشريفة ، فلا موجب للتفرقة في طلب الشفاعة بين حياته قبل انتقاله وبين حياته ؛ الحياة البرزخية بعد انتقاله. ومن ادّعى المنع فعليه بالدليل والله الموفق (٢).
كل هذه النصوص تدلّ على أنّ طلب الشفاعة من النبي صلىاللهعليهوآله كان أمراً جائزاً وشائعاً ، وذلك لأنّهم يرونه مثل طلب الدعاء منه ، ولا فرق بينها وبينه إلّا في اللّفظ ، وقد عرفت صحّة إطلاق لفظ الشفاعة على الدعاء ، والاستشفاع على طلب الدعاء ، وممّا يدلّ على ذلك أنّ البخاري عقد بابين بهذين العنوانين ، وهما :
١ ـ إذا استشفعوا ليستسقى لهم لم يردهم.
٢ ـ وإذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط (٣).
فنرى أنّ البخاري يطلق لفظ الاستشفاع على الدعاء وطلبه من الإمام في
__________________
(١) مجمع الزوائد ١٠ : ٣٦٩ ؛ صحيح مسلم ١ : ٢٨٩.
(٢) البدعة في مفهومها الإسلامي : ص ١٠٥ ـ ١٠٦.
(٣) البخاري الصحيح : الجزء ٢ ، كتاب الاستسقاء ، الباب ١١ ـ ١٢.