إلى جميعهم (١) ، وكذلك نظامُ الدين القوشجي في شرحه على التجريد (٢).
وقد خالفهم أئمة المسلمين وعلماؤهم في هذا الموقف وقالوا بجواز العفو عن العصاة عقلاً وسمعاً.
أمّا العقل فلأنّ العقاب حق لله تعالى فيجوز تركه.
وأمّا السمع ، فللآيات الدالّة على العفو فيما دون الشرك ، قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٣).
والآية واردة في حق غير التائب ؛ لأنّ الشرك مغفور بالتوبة أيضاً ، وقال سبحانه : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ) (٤) أي تشملهم المغفرة مع كونهم ظالمين.
وقال سبحانه : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (٥) ، إلى غير ذلك من النصوص المتضافرة على العفو في حق العصاة. ومع ذلك لا مانع من شمول أدلّة الشفاعة لهم.
وأوضح دليل على العفو بدون التوبة قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) (٦) فإنّ عطف قوله : (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) على قوله : (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) ب «واو العطف» ، يدلّ على التغاير بين الجملتين ، وإنّ هذا العفو لا يرتبط بالتوبة وإلّا كان اللازم عطفُه بالفاء.
وقال سبحانه : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ
__________________
(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ص ٢٦١ ، ط صيدا.
(٢) شرح التجريد : ص ٥٠١.
(٣) النساء : ٤٨.
(٤) الرعد : ٦.
(٥) الزمر : ٥٣.
(٦) الشورى : ٢٥.