في فصل خاص (١).
٧ ـ القاضي عياض بن موسى (ت ٥٤٤ ه) قال : مذهب أهل السنّة هو جواز الشفاعة عقلاً ووجودها سمعاً بصريح الآيات وبخبر الصادق ، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحّة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين ، وأجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنّة عليها (٢).
٨ ـ الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الاسكندري المالكي قال في كتابه «الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال» : وأمّا من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها ، وأمّا من آمن بها وصدّقها وهم أهل السنّة والجماعة فأُولئك يرجون رحمةَ الله ، ومعتقدهم أنّها تنال العصاة من المؤمنين وإنما ادّخرت لهم ، وليس في الآية دليل لمنكريها ؛ لأنّ قوله «يوماً» في قوله : (٣) (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) أخرجه منكراً. ولا شك أنّ في القيامة مواطن ، يومها معدود بخمسين ألف سنة. فبعض أوقاتها ليس زماناً للشفاعة وبعضها هو الوقت الموعود ، وفيه المقام المحمود لسيّد البشر ، عليه أفضل الصلاة والسلام.
وقد وردت آيات كثيرة ترشد إلى تعدّد أيامها واختلاف أوقاتها ، منها قوله تعالى : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) (٤) ، مع قوله : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٥) ، فيتعيّن حمل الآيتين على يومين مختلفين ووقتين متغايرين ، أحدهما محل للتساؤل ، والآخر ليس له ، وكذلك الشفاعة ، وأدلّة
__________________
(١) الكشاف ١ : ٣١٤ ـ ٣١٥.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٣ : ٣٥ ، ط دار إحياء التراث العربي.
(٣) البقرة : ٤٨.
(٤) المؤمنون : ١٠١.
(٥) الصافات : ٢٧.