استغل محمّد بن عبد الوهاب هذا النمط من الناس لتعميق هذه الفكرة ، ودعمها وإشاعتها ، ومن سوء الحظ أنّ أمير المنطقة محمّد بن سعود (حاكم الدرعية) ، من أمارات نجد ، أيّده في فكرته واتّفقا على المناصب والدعم المتقابل ، وبذلك عادت الفكرة إلى الساحة باسم الوهّابية ، وأخذت تنمو شيئاً فشيئاً بين أعراب نجد وما حولها ، وقد وقعت مناوشات وحروب دامية بين هذه الفرقة والخلافة الإسلامية العثمانية مرّات ، بفضل القوات المصرية التابعة للخلافة آنذاك.
وفي خلال الحرب العالمية الأُولى انهارت الخلافة الإسلامية وتبدّلت إلى ملكيات ، وأمارات يحميها الاستعمار البريطاني والفرنسي ، فاستولى أمير الوهابية عبد العزيز بن سعود على مكة والمدينة عام ١٣٤٤ ه ، وبذلك سيطروا على أقوى مركز من مراكز التبليغ والدعوة ، وصار لهم نشاط نسبيّ في تبليغ الفكرة ونشرها ، وكبح الألسن وإلجامها والسيطرة على المخالفين والمعارضين.
ومع ذلك لم يكن النجاح حليفهم إلى أن اكتُشِفَت في المنطقة الشرقية (الظهران) أكبر معادن البترول ، فصار أمير الوهابية يملك أكبر ثروة في العالم سخّرها لصالح قبيلته ، ونشر الفكرة التي نشأ عليها هو وآباؤه ، ولو لا هذه الظروف الاتفاقية لا تحسّ منهم من أحد ، ولا تسمع لهم رِكْزاً.
إنّ التاريخ يعيد نفسه ، ففي الوقت الذي تشنّ القوى الكافرة من الصهاينة والصليبيين ، الغارة تلو الغارة على الأطفال والشباب لمسخ هويتهم الإسلامية بشتى الوسائل ، حتّى أنّ الإنجيل قد ترجم في عقر دار المسلمين بمختلف اللغات الدارجة في البلاد الإسلامية.
ففي هذا الوقت العصيب الذي تدمع عين الإسلام دماً ، نرى الوهابيّين مستمرين على تهديم الآثار الإسلامية الباقية ، بمعاولهم الهدامة تحت غطاء توسيع المسجدين ، وموزّعين ملايين الكتب والأشرطة ، كلّها مكرَّسة للهجمة الشرسة