بقوله سوّيته.
أضف إلى ذلك أنّ ما ذكرناه هو الّذي فهمه شرّاح الحديث وهو دليل على أنّ التسطيح سنّة والتسنيم بدعة وأمر عليّ عليهالسلام أن تكافح هذه البدعة ويسطّح كلّ قبر مسنّم ، وإليك ذكر نصوصهم :
قال القرطبي في تفسير الحديث : قال علماؤنا : ظاهر حديث أبي الهياج منع تسنيم القبور ورفعها وأن تكون واطئة (١).
أقول : إنّ دلالة الحديث على منع تسنيم القبور ظاهر ، وأمّا دلالتها على عدم ارتفاعها كما هو ظاهر قوله : «ومنع رفعها» فغير ظاهر ، بل مردود باتّفاق أئمة الفقه على استحباب رفعها قدر شبر (٢).
٢ ـ قال ابن حجر العسقلاني في شرحه على البخاري ما هذا نصّه :
مُسنّماً بضمّ الميم وتشديد النون المفتوحة أي : مرتفعاً ، زاد أبو نعيم في مستخرجه : وقبر أبي بكر وعمر كذلك ، واستدلّ به على أنّ المستحب تسنيم القبور ، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية.
وقال أكثر الشافعية ونصّ عليه الشافعي : التسطيح أفضل من التسنيم ؛ لأنّهصلىاللهعليهوآله سطّح قبر إبراهيم ، وفعله حجّة لا فعل غيره ، وقول سفيان التمّار : رأى قبر النبيّ مسنّماً في زمان معاوية ، لا حجّة فيه ، كما قال البيهقي ؛ لاحتمال أنّ قبره صلىاللهعليهوآله وقبرَي صاحبيه لم تكن في الأزمنة الماضية مسنّمة ـ إلى أن قال : ـ ولا يخالف ذلك قول عليعليهالسلام: أمرني رسول الله أن لا أدع قبراً مشرفاً إلّا سوّيته ، لأنّه لم يرد تسويته بالأرض ، وإنّما أراد تسطيحه جمعاً بين الأخبار ، ونقله في المجموع عن الأصحاب (٣).
__________________
(١) القرطبي ، التفسير ٢ : ٣٨٠ تفسير سورة الكهف.
(٢) الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٤٢.
(٣) إرشاد الساري ٢ : ٤٦٨.