(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (١).
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّا) (٢).
(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) (٣).
وحاصل الآيات أنّ غيره سبحانه لا يستحقّ العبادة ؛ لأنّها من شئون الألوهيّة ، وهي من خصائص الله سبحانه لا غير ، فيتحصّل من ذلك أنّ العبادة عبارة عن الخضوع أمام موجود للاعتقاد بأنّه إله حقيقيّ أو مجازيّ ، ولو لا ذلك الاعتقاد لا يوصف الخضوع بالعبادة ، والشاهد عليه أنّ العاشق الولهان إذا خضع لمعشوقته ، خضوعاً بالغاً لا يعدّ عبادة لها ؛ لأنّه لم يصدر عن الاعتقاد بألوهيتها وأنّها إله ، وإنّما صدر عن اعتقاد بأنّها جميلة تجذب الإنسان بنفسيّتها وجمالها.
ويدلّ على ما ذكرنا من أنّ دعوة المشركين وخضوعهم ونداءهم وسؤالهم كانت مصحوبة بالاعتقاد بألوهية أصنامهم ، أنّه سبحانه يفسّر الشرك في بعض الآيات باتّخاذ إله مع الله.
ويقول : وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٤).
وفي بعض الآيات يندّد بالمشركين بأنّه ليس لهم إله غير الله فكيف يعبدون غيره ، ويقول : (أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٥).
والإمعان في هذه الآيات ونظائرها يؤكد أنّ اندفاع المشركين إلى عبادة الأصنام أو اندفاع الموحّدين إلى عبادة الله هو اعتقادهم بكونهم آلهة أو كونه إلهاً ،
__________________
(١) الفرقان : ٦٨.
(٢) مريم : ٨١.
(٣) الأنعام : ١٩.
(٤) الحجر : ٩٤ ـ ٩٦.
(٥) الطور : ٤٣.