الكتاب والسنّة ؛ فمن قال إنّها تقوم الحجّة في دين الله عزوجل بغير كتاب الله وسنّة رسوله وما يرجع إليهما فقد قال في دين الله بما لا يثبت» (١).
نعم نقل القسطلاني عن ابن التين وغيره : انّ عمر استنبط ذلك من تقرير النبيصلىاللهعليهوآله من صلّى معه في تلك الليالي وإن كان كره لهم خشية أن يفرض عليهم. فلمّا غاب النبيّ حصل الأمن من ذلك ، ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ، ولأنّ الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلّين (٢).
يلاحظ عليه أولاً : أنّ ما ذكره في آخر كلامه ليبرّر جمع الناس على إمام واحد ، مكان الأئمة المتعدّدة ، دون ما إذا كان موضع النقاش إقامتها جماعة ، واحداً كان الإمام أو كثيراً.
وثانياً : أنّ معنى كلامه أنّ هناك أحكاماً لم تسنّ ما دام النبيّ حيّاً لمانع خاص ، كخشية الفرض ، ولكن في وسع آحاد الأُمّة تشريعها بعد موته صلىاللهعليهوآله ومفاده فتح باب التشريع بملاكات خاصّة في وجه الأُمّة إلى يوم القيامة ، وهذه رزيّة ليست بعدها رزية ، وتلاعب بالدين واستئصاله.
* * *
ثمّ إنّ لسيّدنا شرف الدين العاملي هناك كلاماً نافعاً نورده بنصّه ، قال :
«كان هؤلاء عفا الله عنهم وعنّا ، رأوه رضى الله عنه قد استدرك (بتراويحه) على الله ورسوله حكمة كانا عنها غافلين. بل هم بالغفلة ـ عن حكمة الله في شرائعه ونظمه ـ أحرى ، وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها ، انفراد مؤدّيها ـ جوف الليل في بيته ـ بربّه عزّ وعلا يشكو إليه بثّه وحزنه ويناجيه بمهمّاته مهمّة مهمّة حتّى يأتي على آخرها ملحّاً عليه ، متوسّلاً بسعة رحمته إليه ،
__________________
(١) إرشاد العقول : ص ٢١٤.
(٢) فتح الباري ٤ : ٢٠٤.