بالمعروف ، وبذلك يجمع بين الآيتين ، حيث إنّ الثانية ترى الأمر بالمعروف فريضة على الجميع ، والأُولى تراه فريضة على أُمّة خاصة ، فالمراتب النازلة فريضة على الكلّ ، والمراتب العالية وظيفة الأقوياء من أبناء الأُمّة.
ويكفي في أهمية تلك الفريضة قوله سبحانه : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (١).
وهذا الإمام أمير المؤمنين يعلّل قيامه ونضاله ، بردع البدع ويقول : «اللهمّ إنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا ، منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردَّ المعالم من دينك ، ونُظهر الإصلاح في بلادك» (٢).
وردّ المعالم من دينه كناية عن رفض البدع التي كانت قد ظهرت على الساحة الإسلامية.
وقال الإمام الباقر عليهالسلام : «إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ، ومنهاج الصلحاء ، فريضة عظيمة ، بها تقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ، وتحلّ المكاسب ، وتردّ المظالم ، وتعمر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر» (٣).
وقد كان في العصور الماضية نشاط للآمرين بالمعروف في خصوص متابعة المساجد والمؤذّنين والوعّاظ والقرّاء ، حتى لا يخرجوا عن حدود الشريعة.
يقول ابن إخوة القرشي : «ومن وظائف المحتسِب مراقبة المساجد والمؤذّنين
__________________
(١) الحج : ٤١.
(٢) نهج البلاغة : الخطبة ١٢٧.
(٣) الوسائل ١١ : ٣٩٥.